للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عليه (١)، مكث في القلعة إلى بعد المغرب، ركب هو وبعض خواصّه، وأخذ معه ما خفّ حمله، وثقل ثمنه، وهرب (٢) ليلا، واختفى، وترك أبواب القلعة مفتّحة.

شوال: مستهله الاثنين، أصبح الصباح يوم العيد، طلع العساكر التحاتة إلى القلعة وجدوا أبوابها مفتحة، ولم يكن بها إلا سكّانها، ونهبوا ليلا حواصل السلطان العادل، ونهبوا ما كان بالقصر. وكان الأمير قانصوه الغوري الدوادار الكبير، غيّب من الفريقين التّحاتة والفواقة. فلما بلغه هرب العادل، جاءه العسكر قبيل الفجر، وطلعوا به إلى القلعة، هو والأمير تنبك الجمالي، أمير كبير كان.

واجتمعوا كلّهم، وتشاوروا من يكون السلطان؟ وطلبوا الخليفة، والقضاة إليهم فحضر الحنبلي، والمالكي، والخليفة يعقوب بن عبد العزيز. فسألوا للأمير تنبك الجمالي، فأبى، وامتنع، فاتفق رأيهم على تولية الأمير/قانصوه الغوري الدوادار الكبير، فسألوه، فتمنّع غاية التمنّع، فعقدوا له البيعة في الساعة السادسة، ساعة الزّهوة (٣) من يوم العيد المذكور، قبيل الظهر، ولقّبوه بالسلطان الملك الأشرف أبو النصر قانصوه، ودقت له البشاير، ونادوا بالأمان، والاطمئنان. ونهب العسكر بيوتا كثيرة، كبيت فخر الدين كاتب المماليك، وأولاده، وبيوت عبد العظيم الصيرفي، وبيوت تمرباي الخازندار الكبير، وغيرهم، جعل الله وجهه مباركا على الرعية. آمين.

وفي ثانيه عيّنت الدوادارية الكبرى في القاهرة، للأمير مسرباي، الذي كان دوادارا كبير قبل تاريخه، ورسم له السلطان الملك الأشرف قانصوه الغوري، بالسكن في بيته بين القصرين، ورسم له بجميع ما به من البرك (٤)، والأمتعة، وغيرها فنزل به.


(١) خامروا عليه: أي تآمروا وتغيرت نواياهم نحوه.
(٢) هروب السلطان العادل: حوصر الملك العادل في القلعة في ١٧ رمضان سنة ٩٠٦ هـ من قبل أمراء المماليك. وبعد قتال بين الفريقين، هرب رجال العادل من القلعة واستسلموا فاضطر العادل إلى الهرب وترك القلعة واختفى وكان بعض المماليك يراقبه حتى عرفوا مخبأه فهجم عليه الأمير أرزمك خازندار جان بلاط وقتله وقطع رأس فعلقه السلطان الجديد على باب القلعة. ابن إياس. بدائع الزهور ٣/ ٤٧٦. ابن طولون، مفاكهة الخلان ١/ ٢٣٧،٢٤٠،٢٤١،٢٤٢.
(٣) ساعة الزهوة: هو الزمن بين انتهاء صلاة العيد وصلاة الظهر وفيه تزدان القاهرة بمختلف أنواع الزينات ويخرج الناس فرحين بكل جديد.
(٤) البرك: المتاع الخاص من ثياب وقماش، والبركستوان غطاء يوضع على ظهر الفرس. معجم الألفاظ التاريخية ص ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>