للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحجّة سنة ست وتسعين وسبعمئة في حماة. واشتغل بفنون العلم: الفقه، والأصول، والعربية، والمنطق، وغيرها. وسمع: عائشة بنت عبد الهادي (١). ونظم الشّعر المرقّص، وكان ذوّاقا في الأدب، طيّب النّغمة، شجيّ، جيد الذّهن، عظيم الحلم، جليل الوقار، حسن العبادة، زايد الكرم، خصوصا لطلبة العلم، ضخم الحشمة، بهيّ الشّكل، تام القدّ، خفيف الرّوح، كامل المعاني، معظّما للعلماء. وولي قضاء الشّافعيّة، وكتابة السّر بدمشق، وكتابة السّر بالقاهرة، ومات بها، وهو عين أهالي الرياسات، بعد علّة طويلة، صرع في آخرها خمس مرات، وانحطت قوّته إلى مقدار عظيم. وهو مع ذلك يتجشّم كلفة الصّلاة، فلم تفته صلاة واحدة. وصلّى عليه في سبيل/المؤمني أمير المؤمنين القائم بأمر الله أبو البقاء حمزة، بحضرة السّلطان الملك الظاهر جقمق. وكانت جنازته حافلة جدا، بالقضاة، والأمراء، وأهل العلم، والمباشرين وغيرهم. وكثر ثناء الناس عليه، وعظم تأسّفهم لفقده، واشتد بكاؤهم.

ولم ير ولا علم أحد فاه فيه بنقص، رحمه الله تعالى.

ربيع الأوّل: وفي بكرة يوم الثلاثاء سادسه، توفي الشّيخ الإمام العلاّمة المفنّن:

• نور الدين عليّ (٢) بن أحمد بن عمر بن محمد بن أحمد الأنصاريّ، البوشيّ، الشّافعيّ الشهير قديما بالخطيب. ولد في حدود سنة تسعين وسبعمئة بمصر القديمة.

واشتغل بالفقه، والنّحو، والأصلين، والمنطق، حتّى صار من أعيان الفضلاء، وأشير إليه بالعلم. ثم انتقل إلى الخانكاه (٣)، فنفع الناس بعلمه، ودينه. وشرح كتاب «الأنوار في الفقه» للأردبيلي شرحا جيدا، إلاّ الرّبع الأول منه، اخترمته دونه المنيّة.

وعظم تأسّف النّاس عليه، وحصل لأهل الخانكية بفقده من الضّرر في الدّين والدّنيا ما لا يوصف، رحمه الله تعالى.

وفي ليلة الأحد حادي عشره، توفي الشّيخ، الإمام، الفاضل، المفنّن:

• شهاب الدين أحمد (٤) /ابن يعقوب بن أحمد بن عبد المنعم بن أحمد الإطفيحيّ الأصل، الأزهريّ، الشّافعيّ، نقيب القضاة الشّافعيّة. ولد سنة تسعين وسبعمئة. واشتغل بالعلم، ودار على الشّيوخ، فسمع شيئا كثيرا. وكان عارفا بأمور القضاء، متمكّنا من عقله، فاضلا مع كرم وشهامة. وحدّث ببعض مسموعاته،


(١) انظر: السخاوي. الضوء اللامع ١٢/ ٨١/٦. ابن العماد. شذرات الذهب ٧/ ١٢٠.
(٢) انظر: السخاوي. الضوء اللامع ٥/ ١٧٨/٣.
(٣) الخانكاه: الخانقاه: موضع إقامة الصوفية. انظر: ابن إياس، بدائع الزهور ١ - ١/ ٣٧٦.
(٤) انظر: السخاوي. الضوء اللامع ٢/ ٢٤٥/١.

<<  <  ج: ص:  >  >>