للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٠٨ - بَاب مَا نزل فِي رمي الْمُحْصنَات وحد الرَّامِي

{وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات ثمَّ لم يَأْتُوا بأَرْبعَة شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جلدَة وَلَا تقبلُوا لَهُم شَهَادَة أبدا وَأُولَئِكَ هم الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذين تَابُوا من بعد ذَلِك وَأَصْلحُوا فَإِن الله غَفُور رَحِيم}

قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة النُّور {وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات} أَي النِّسَاء العفيفات بالزنى وَكَذَا المحصنين وَإِنَّمَا خصهن بِالذكر لِأَن قذفهن أشنع والعار فِيهِنَّ أعظم وَيلْحق الرِّجَال بِالنسَاء فِي هَذَا الحكم بِلَا خلاف بَين عُلَمَاء هَذِه الْأمة وَقيل أَرَادَ بالمحصنات الْفروج فتعم الْآيَة الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالْأول أولى وَذهب الْجُمْهُور إِلَى أَنه لَا حد على من قذف كَافِرًا أَو كَافِرَة وَقيل يجب عَلَيْهِ الْحَد وَالْعَبْد يجلد أَرْبَعِينَ جلدَة وَقيل ثَمَانِينَ وَالْأول أولى وشرائط الْإِحْصَان خَمْسَة الْإِسْلَام وَالْعقل وَالْبُلُوغ وَالْحريَّة والعفة من الزِّنَى {ثمَّ لم يَأْتُوا بأَرْبعَة شُهَدَاء} يشْهدُونَ عَلَيْهِنَّ بِوُقُوع الزِّنَا مِنْهُنَّ برؤيتهم وَظَاهر الْآيَة أَن يكون الشُّهُود مُجْتَمعين وَمُتَفَرِّقِينَ وَإِذا لم يكمل الشُّهُود أَرْبَعَة كَانُوا قذفة يحدون حد الْقَذْف قَالَ الْحسن وَالشعْبِيّ وَلَا حد على الشُّهُود وَلَا على الْمَشْهُود عَلَيْهِ وَبِه قَالَ أَحْمد ونعمان وَيرد ذَلِك مَا وَقع فِي خلَافَة عمر رَضِي الله عَنهُ من جلده للثَّلَاثَة الَّذين أشهدوا على الْمُغيرَة بالزنى وَلم يُخَالف فِي ذَلِك أحد من الصَّحَابَة {فَاجْلِدُوهُمْ} أَي لكل وَاحِد مِنْهُم {ثَمَانِينَ جلدَة وَلَا تقبلُوا لَهُم شَهَادَة} لأَنهم قد صَارُوا بِالْقَذْفِ غير عدُول بل فسقة {أبدا} مَا داموا فِي الْحَيَاة {وَأُولَئِكَ هم الْفَاسِقُونَ} لإتيانهم كَبِيرَة وَفِيه دَلِيل على أَن الْقَذْف من الْكَبَائِر

<<  <   >  >>