قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الْأَحْقَاف {وَوَصينَا الْإِنْسَان بِوَالِديهِ إحسانا} تقدم تَفْسِيرهَا فِي مَحَله {حَملته أمه كرها وَوَضَعته كرها} اقْتصر على الْأُم لِأَن حَقّهَا أعظم وَلذَلِك كَانَ لَهَا ثلثا الْبر قَالَه الْخَطِيب وَإِنَّمَا ذكر حمل الْأُم ووضعها تَأْكِيدًا بِوُجُوب الْإِحْسَان إِلَيْهَا الَّذِي وصّى الله بِهِ أَي إِنَّهَا حَملته ذَات كره وَوَضعه ذَات كره {وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا} أَي عدتهما هَذِه الْمدَّة من عِنْد ابْتِدَاء حمله إِلَى أَن يفصل من الرَّضَاع أَي يفطم عَنهُ
وَقد اسْتدلَّ بِهَذِهِ الْآيَة على أَن أقل مُدَّة الْحمل سِتَّة أشهر لِأَن مُدَّة الرَّضَاع سنتَانِ فَذكر فِي هَذِه الْآيَة أقل مُدَّة الْحمل وَأكْثر مُدَّة الرَّضَاع وَفِي الْآيَة إِشَارَة إِلَى أَن حق الْأُم آكِد من حق الْأَب لِأَنَّهَا حَملته بِمَشَقَّة وَوَضَعته بِمَشَقَّة وأرضعته هَذِه الْمدَّة بتعب وَنصب وَلم يشاركها الْأَب فِي شَيْء من ذَلِك
وَعَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يَقُول إِذا ولدت الْمَرْأَة لتسعة أشهر كفاها من الرَّضَاع وَاحِد وَعِشْرُونَ شهرا وَإِذا ولدت لسبعة أشهر كفاها من الرَّضَاع