للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آخَرُونَ حلت لزَوجهَا وَإِن لم تَغْتَسِل وَرجح الطَّبَرِيّ قِرَاءَة التَّشْدِيد وَالْأولَى أَن يُقَال إِن الله تَعَالَى جعل للْحلّ غايتين كَمَا تَقْتَضِيه القراءتان إِحْدَاهمَا انْقِطَاع الدَّم وَالْأُخْرَى التطهر مِنْهُ والغاية الْأُخْرَى مُشْتَمِلَة على زِيَادَة على الْغَايَة الأولى فَيجب الْمصير إِلَيْهَا وَقد دلّ على أَن الْغَايَة الْأُخْرَى هِيَ الْمُعْتَبرَة وَقَوله سُبْحَانَهُ بعد ذَلِك {فَإِذا تطهرن} فَإِن ذَلِك يُفِيد أَن الْمُعْتَبر التطهر لَا مُجَرّد انْقِطَاع الدَّم وَقد تقرر أَن الْقِرَاءَتَيْن بِمَنْزِلَة الْآيَتَيْنِ فَكَمَا أَنه يجب الْجمع بَين الْآيَتَيْنِ الْمُشْتَملَة إِحْدَاهمَا على زِيَادَة بِالْعَمَلِ بِتِلْكَ الزِّيَادَة كَذَلِك يجب الْجمع بَين الْقِرَاءَتَيْن {فأتوهن من حَيْثُ أَمركُم الله} أَي فجامعوهن وكنى عَنهُ بالإتيان وَالْمرَاد أَنهم يجامعونهن فِي المأتى الَّذِي أَبَاحَهُ الله وَهُوَ الْقبل وَقيل من قبل الْحَلَال لَا من قبل الزِّنَى {إِن الله يحب التوابين} من إتْيَان النِّسَاء فِي أدبارهن أَو فِي الْمَحِيض {وَيُحب المتطهرين} من الْجَنَابَة والأحداث والعموم أولى

١٢ - بَاب مَا نزل فِي مَوضِع إتْيَان النِّسَاء

{نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم}

قَالَ تَعَالَى (نِسَاؤُكُمْ حرث لكم) لفظ الْحَرْث يُفِيد أَن الْإِبَاحَة لم تقع إِلَّا فِي الْفرج الَّذِي هُوَ الْقبل خَاصَّة إِذْ هُوَ مزدرع الذُّرِّيَّة كَمَا أَن الْحَرْث مزدرع النَّبَات فقد شبه مَا يلقى فِي أرحامهن من النطف الَّتِي مِنْهَا النَّسْل بِمَا يلقى فِي الأَرْض من البزور الَّتِي مِنْهَا النَّبَات بِجَامِع أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا مَادَّة لما يحصل مِنْهُ {فَأتوا حَرْثكُمْ} أَي مَحل زرعكم واستنباتكم الْوَلَد وَهُوَ الْقبل وَهَذَا على سَبِيل التَّشْبِيه جعل فرج الْمَرْأَة كالأرض

<<  <   >  >>