قَالَ تَعَالَى {وَإِذا طلّقْتُم النِّسَاء فبلغن أَجلهنَّ فَلَا تعضلوهن أَن ينكحن أَزوَاجهنَّ} الْخطاب إِمَّا للأزواج وَيكون معنى العضل مِنْهُم أَن يمنعوهن من أَن يتزوجن من أردن من الْأزْوَاج بعد انْقِضَاء عدتهن لحمية الْجَاهِلِيَّة كَمَا يَقع كثيرا من الْخُلَفَاء والسلاطين غيرَة على من كن تَحْتهم من النِّسَاء أَن يصرن تَحت غَيرهم لأَنهم لما نالوه من رئاسة الدُّنْيَا وَمَا صَارُوا فِيهِ من النخوة والكبرياء يتخيلون أَنهم قد خَرجُوا من جنس بني آدم إِلَّا من عصمه الله مِنْهُم بالورع والتواضع وَإِمَّا أَن يكون الْخطاب للأولياء وَيكون معنى إِسْنَاد الطَّلَاق إِلَيْهِم أَنهم سَبَب لَهُ لكَوْنهم المزوجين للنِّسَاء المطلقات من الْأزْوَاج المطلقين لَهُنَّ وَالْمرَاد ببلوغ الْأَجَل نهايته لَا كَمَا سبق فِي الْآيَة الأولى وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِي اخْتِلَاف الْكَلَامَيْنِ على افْتِرَاق البلوغين
والعضل الْحَبْس وَقيل التَّضْيِيق وَالْمَنْع وَهُوَ رَاجع إِلَى معنى الْحَبْس وَقَوله أَزوَاجهنَّ إِن أُرِيد بِهِ المطلقون لَهُنَّ فَهُوَ مجَاز بِاعْتِبَار مَا كَانَ وَإِن أُرِيد من يردن أَن يتزوجنه فَهُوَ مجَاز أَيْضا بِاعْتِبَار مَا سَيكون {إِذا تراضوا بَينهم بِالْمَعْرُوفِ} يَعْنِي إِذا تراضى الْخطاب وَالنِّسَاء وَالْمَعْرُوف هُنَا مَا وَافق الشَّرْع من عقد حَلَال وَمهر جَائِز وَقيل هُوَ أَن يرضى كل وَاحِد مِنْهُمَا بِمَا الْتَزمهُ لصَاحبه بِحَق العقد حَتَّى تحصل الصُّحْبَة الْحَسَنَة وَالْعشرَة الجميلة والعيشة الرضية
قيل سَبَب نُزُولهَا أَن أُخْت معقل بن يسَار طَلقهَا زَوجهَا فَأَرَادَ