قَالَ تَعَالَى {قَالَ إِنِّي أُرِيد أَن أنكحك إِحْدَى ابْنَتي هَاتين} وَفِيه مَشْرُوعِيَّة عرض ولي الْمَرْأَة لَهَا على الرجل وَهَذِه سنة ثَابِتَة فِي الْإِسْلَام وَثَبت عرض عمر ابْنَته على أبي بكر وَعُثْمَان وَغير ذَلِك مِمَّا وَقع فِي أَيَّام الصَّحَابَة وَأَيَّام النُّبُوَّة وَكَذَلِكَ مَا وَقع عَن عرض الْمَرْأَة لنَفسهَا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قيل إِن شعيبا زوجه الْكُبْرَى قَالَ الْأَكْثَرُونَ الصُّغْرَى وَقَوله هَاتين يدل على أَنه كَانَ لَهُ غَيرهمَا وَقَالَ البقاعي إِنَّه كَانَ لَهُ سبع بَنَات وَهَذِه مواعدة مِنْهُ وَلم يكن ذَلِك عقد نِكَاح إِذْ لَو كَانَ عقدا لقَالَ أنكحتك {على أَن تَأْجُرنِي ثَمَانِي حجج} جمع حجَّة وَهِي السّنة أَي ترعى غنمي فِي تِلْكَ الْمدَّة والتزوج على رعي الْغنم جَائِز لِأَنَّهُ من بَاب الْقيام بِأَمْر الزَّوْجِيَّة (فَإِن أتممت عشرا فَمن عنْدك) أَي تفضلا مِنْك وتبرعا لَا إلزاما مني لَك وَلَيْسَ بِوَاجِب عَلَيْك {وَمَا أُرِيد أَن أشق عَلَيْك} بإلزامك إتْمَام الْعشْرَة الأعوام وَلَا بالمناقشة فِي مُرَاعَاة الْأَوْقَات وَاسْتِيفَاء الْأَعْمَال {ستجدني إِن شَاءَ الله من الصَّالِحين} وَفِي حسن الصُّحْبَة ولطف الْمُعَامَلَة ولين الْجَانِب وَالْوَفَاء بالعهد وَقيل أَرَادَ الصّلاح على الْعُمُوم وَقيد ذَلِك بِالْمَشِيئَةِ تفويضا لِلْأَمْرِ إِلَى توفيق الله ومعونته وللتبرك بِهِ {قَالَ ذَلِك بيني وَبَيْنك أَيّمَا الْأَجَليْنِ قضيت فَلَا عدوان عَليّ وَالله على مَا نقُول وَكيل} أَي شَاهد وحفيظ فَلَا سَبِيل لِأَحَدِنَا إِلَى الْخُرُوج عَن شَيْء من ذَلِك
أخرج الطَّبَرَانِيّ وَغَيره عَن عتبَة بن النّذر السّلمِيّ قَالَ كُنَّا عِنْد سَوَّلَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَرَأَ سُورَة طسم حَتَّى إِذا بلغ قصَّة مُوسَى قَالَ إِن مُوسَى آجر نَفسه ثَمَانِي سِنِين أَو عشرا على عفة فرجه وَطَعَام بَطْنه فَلَمَّا وَفِي الْأَجَل قيل يَا رَسُول الله أَي الْأَجَليْنِ قضى مُوسَى قَالَ أبرهما وأوقاهما فَلَمَّا أَرَادَ فِرَاق شُعَيْب أَمر امْرَأَته أَن تسْأَل أَبَاهَا أَن يُعْطِيهَا من غنمه مَا يعيشون