وَكَانَت الْمَرْأَة تلبس الدرْع من اللُّؤْلُؤ فتمشي وسط الطَّرِيق لعرض نَفسهَا على الرِّجَال وَكَانَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا إِذا قَرَأت هَذِه الْآيَة تبْكي حَتَّى يبتل خمارها رَوَاهُ مَسْرُوق {وأقمن الصَّلَاة} الْوَاجِبَة {وآتين الزَّكَاة} الْمَفْرُوضَة {وأطعن الله وَرَسُوله} فِيمَا أَمر وَنهى وَخص الصَّلَاة وَالزَّكَاة لِأَنَّهُمَا أصل الطَّاعَات الْبَدَنِيَّة والمالية ثمَّ عمم فأمرهن بِالطَّاعَةِ لله وَرَسُوله فِي كل مَا هُوَ مَشْرُوع لِأَن من واظب عَلَيْهِمَا جرتاه إِلَى مَا وراءهما {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس} أَي الْإِثْم والذنب المدنسين للأعراض الحاصلين بِسَبَب ترك مَا أَمر الله بِهِ وَفعل مَا نهى عَنهُ فَيدْخل فِي ذَلِك كل مَا لَيْسَ فِيهِ رضَا الله تَعَالَى قيل الرجس الشَّك وَقيل السوء وَقيل عمل الشَّيْطَان والعموم أولى {أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ} من الأرجاس والأدناس {تَطْهِيرا} وَفِي اسْتِعَارَة الرجس للمعصية والترشيح لَهَا بالتطهير تنفير عَنْهَا بليغ وزجر لفاعلها شَدِيد
وَقد اخْتلف أهل الْعلم فِي أهل الْبَيْت فِي هَذِه الْآيَة فَقَالَ قوم من السّلف هُوَ زَوْجَات النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة وَالْمرَاد بِالْبَيْتِ بَيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومساكن زَوْجَاته لقَوْله تَعَالَى {واذكرن مَا يُتْلَى فِي بيوتكن} وَلِأَن السِّيَاق فِيهِنَّ من قَوْله {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك} إِلَى قَوْله {لطيفا خَبِيرا}
وَقَالَ قوم هم عَليّ وَفَاطِمَة وَالْحسن وَالْحُسَيْن خَاصَّة وَمن حججهم الْخطاب فِي الْآيَة بِمَا يصلح للذكور وَالْإِنَاث وَهُوَ قَوْله {عَنْكُم} و {ليطهركم} وَلَو كَانَ للنِّسَاء خَاصَّة لقَالَ عنكن وليطهركن وَأجِيب بِأَن التَّذْكِير بِاعْتِبَار لفظ الْأَهْل كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ {أَتَعْجَبِينَ من أَمر الله رَحْمَة الله وَبَرَكَاته عَلَيْكُم أهل الْبَيْت}
وَيدل على القَوْل الأول مَا أخرجه ابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ نزلت فِي نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة