فِرْعَوْن بالأوتاد الْأَرْبَعَة أَي جعل الله حَالهَا مثلا لحَال الْمُؤمنِينَ ترغيبا لَهُم فِي الثَّبَات على الطَّاعَة والتمسك بِالدّينِ وَالصَّبْر فِي الشدَّة وَأَن وصلَة الْكفْر لَا تَضُرهُمْ كَمَا لم تضر امْرَأَة فِرْعَوْن وَقد كَانَت تَحت أكفر الْكَافرين وَصَارَت بإيمانها بِاللَّه فِي جنَّات النَّعيم وَفِيه دَلِيل على أَن وصلَة الْكفْر لَا تضر مَعَ الْأَيْمَان {إِذْ قَالَت رب ابْن لي عنْدك بَيْتا فِي الْجنَّة ونجني من فِرْعَوْن وَعَمله} أَي من ذَاته الخبيثة وشركه وَمَا يصدر عَنهُ من أَعمال الشَّرّ وَقَالَ إِبْنِ عَبَّاس من عمله يَعْنِي جمَاعَة وَعَن سلمَان قَالَ كَانَت امْرَأَة فِرْعَوْن تعذب بالشمس فَإِذا انصرفوا عَنْهَا أظلتها الْمَلَائِكَة بأجنحتها وَكَانَت ترى بَيتهَا فِي الْجنَّة {ونجني من الْقَوْم الظَّالِمين} قَالَ الْكَلْبِيّ هم أهل مصر وَقَالَ مقَاتل هم القبط فَفرج الله لَهَا عَن بَيتهَا فِي الْجنَّة فرأته وَقبض الله روحها قَالَ الْحسن وَابْن كيسَان نجاها الله أكْرم نجاة ورفعها إِلَى الْجنَّة فَهِيَ تَأْكُل وتشرب وَفِيه دَلِيل على أَن الِاسْتِعَاذَة بِاللَّه والالتجاء إِلَيْهِ وَمَسْأَلَة الْخَلَاص مِنْهُ عِنْد المحن والنوازل من سير الصَّالِحين والصالحات وديدن الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات بِيَوْم الدَّين وَعَن أبي هُرَيْرَة أَن فِرْعَوْن وتد لامْرَأَته أَرْبَعَة أوتاد وأضجعها وَجعل على صدرها رحى واستقبل بهَا عين الشَّمْس فَرفعت رَأسهَا إِلَى السَّمَاء وَقَالَت {رب ابْن لي} الْآيَة {وَمَرْيَم ابْنة عمرَان} مثل الْمُؤمنِينَ بامرأتين كَمَا مثل حَال الْكفَّار بامرأتين وَالْمَقْصُود من ذكرهَا أَن الله سُبْحَانَهُ جمع لَهَا بَين كَرَامَتِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة واصطفاها على نسَاء الْعَالمين مَعَ كَونهَا بَين قوم كَافِرين {الَّتِي أحصنت} أَي حفظت {فرجهَا} عَن الْفَوَاحِش وَالرِّجَال فَلم يصل إِلَيْهَا رجل لَا بِنِكَاح وَلَا بزنى قَالَ الْمُفَسِّرُونَ المُرَاد بالفرج هُنَا الجيب {فنفخنا فِيهِ من رُوحنَا} المخلوقة لنا وَذَلِكَ أَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام نفخ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute