لما وجدنا التناقض واضحا بينا بين مؤرخي الأمة الواحدة أن (ميشليه) الأفرنسي يجعل من الثورة الفرنسية مشعل حضارة وضياء حرية وينساق في العاطفة المشبوهة حتى يقف كتاباته (أنا تول فرانس) بأنها (غضب ورضى، عويل طفل وصراخ امرأة تضع، زفرات وأنات أما حوادث فلا٠٠٠) ٠ بينما (دودة) و (برنتانو) و (كاكسوت) الافرنسيون أيضاً لا يرون في الثورة الفرنسية إلا قذارة ودماء مراقة٠
والأمثلة أقرب إليك من ذلك، خذ صحيفتين في بلد واحد من حزبين مختلفين وحاول أن تتلمس الحقيقة التاريخية بينهما٠
وشيء آخر قصدت إليه في هذا المقال هو أن ألفت الأنظار إلى كتب تاريخنا العربي بما جمعت من تناقض وتعارض في الأسماء والأرقام والتواريخ وبما فيها من أساطير مروية عن الأولين وحكايات دسها الوضاعون.
فحتى متى يخلص تاريخنا من أمثال هذا:
سام بن نوح كانت حياته ٦٠٠ سنة وأرفخشد بن سام عاش ٤٦٥ سنة وشالم بن أرفخشد عاش ٤٣٠ سنة وعابر بن شالخ عاش ٤٣٠ سنة وقيل ١٦٤ سنة الخ. .
أو من أمثال هذا:
دمشق أول من بناها دمشاق بن قاني بن لامك بن أرفخشد بن سام وقيل إن الذي بناها جيرون بن سعد بن عاد بن ارم - وقال وهب بن منبهان العازر غلام إبراهيم بني دمشق. وقال غيره سميت بدماشق ابن عزود بن كنعان وهو الذي بناها. وقال آخرون سميت بدمشق بن أرم بن نوح وهو أخ لفلسطين وإيليا وحمص والأردن، بنى كل واحد موضعا فسمي به الخ. . .
ولا تفوق كتب المستشرقين الغربيين عن تاريخنا ما كتبناه نحن إلا بسوء الفهم وما القول برجل يكتب عشرات المؤلفات عن تاريخ العرب قبل الإسلام وبعده ويزعم في أحد كتبه أن في الكعبة حجرين، يعين موضعهما وأبعادهما، أحدهما الحجر الأسود وهو للمس فقط وثانيهما الحجر الأسعد وهو للتقبيل!. . .
حتى متى يخلص تاريخنا من الترهات والأباطيل والأساطير؟!