وسيأخذ هذا المشهد في التماثيل المتأخرة صفة عاطفية مهتاجة فترى بسيشه وهي تضم إليها ايروس وتمنحه القبلة المنتظرة والتي هي السعادة المثلى. ففي حنجور وجد في مدينة منفيس وفي أحجار منحوتة ولوحات وسلسلة من التماثيل المرمرية محفوظة في متاحف الكابيتول ودرسد وفلورنس ولندن ويمثل الحبيبان على شكل شابين أو مراهقين أو طفلين وهما يقبلان بعضهما بشغف لا يوصف.
ويعقب القبلة الزواج، فتري في آثار كثيرة من العصر الاسكندري مناظر حفلة زفافهما وأشهرها دست وجد في الفيوم يشاهد فيه ايروس وبسيشه وهما قائمان في عربة، تمشي أمامهما ربة النصر وهي تحمل طبلاً تضرب عليه، ويرفع الآلة باخوس كأسه الطافح بالخمر ويشرب متمنيا لهما السعادة. وعثر في الاسكندرية على حجر كريم منقوش يظهر فيه مشهد عرس حقيقي. فيظهر الاثنان على شكل طفلين مجنحين وقد لف رأس كل منهما بمنديل. وحملت يداهما زوجاً من الحمام ويمشي أمامهما جني صغير، وإلى طرف المشهد جني ثان يحمل سلة مليئة بالفواكه، وجني ثالث يهيأ سرير الزفاف.
وأختم هذا البحث لوحة حجرية منحوتة نحتا شديد البروز، فيها صنعة دقيقة وأسلوب واقعي ظريف، قد حملت من محافظة اللاذقية إلى متحف دمشق منذ عام ونيف. وهي من نوع اللوحات الحجرية التي كانت تنحت على المدافن القديمة كمدافن روما القديمة في العصر الروماني لتمثيل اتحاد الروح والحب الصوفي، وللرمز إلى خلودها وصعودها إلى السماء بواسطته. وتمثل أربعة مشاهد متعاقبة من أسطورة ايروس وبسيشه، فيرى فيها من اليمين إلى اليسار: أولاً ايروس حزينا قد اتكأ على مسند بذراعه الأيسر، وثانيا ايروس موثق اليدين خلف ظهره وخلفه بسيشه ومرتدية ثوبا ايونيا تنحدر ثنياته كأمواه الشلال، وثالثاً ايروس طليق اليدين وهو يقابل صورته المتقدمة ويكفكف دموعه بطرف رداءه الذي يستر نصفه العلوي فقط ووراءه بسيشه منحنية قليلا إلى الأمام تستعطفه وقد انكشف نصفها العلوي وتجمع ثوبها حول كشحيها، ورابعا ايروس وبسيشه واقفين جنبا إلى جنب كأنهما قد التقيا بعد طول فراق.
وهي مصنوعة من المرمر الذي استحال لونه الأبيض من لفح الشمس إلى لون وردي