حينما يعجز الإباء عن القيام بهذه الرسالة. ويرى أصحاب النظرية أن يقتصر أثر الدولة على المساعدة المالية فتفتح الحكومة المدارس ويترك شأنها وتشرف عليها كما تشاء.
التربية والمؤسسات الدينية
ومن قائل أن التربية عمل هام، له الأثر الكبير في سلوك الأشخاص كباراً، وفي توجيههم صغاراً. المؤسسات الدينية وحدها تختص بالسهر على التربية والتعليم، فالأفكار والعادات والتقاليد التي تحمل إلى النشء إنما يجب أن تصطبغ بالصبغة الدينية. ولأصحاب هذا الرأي نظرة عامة تجعلهم يعتقدون بتماسك الحياة الدنيا والحياة الآخرة، فإن فاعلية الإنسان النظرية العملية، والفكرية والأخلاقية، عاجلاً أو أجلاً، وقف على نجاح التربية وإخلاصها ديانا السائدة.
التربية والتاريخ
وإذا شئنا الأنصاف أن كلاً من القولين مصيب في دائرته ومخطئ خارجها. والطريق الصحيحة المستقيمة تظهر لنا خلال التاريخ الإنساني.
لقد ارتدت وظيفة التربية أثواباً مختلفة، وسراويل عدة متنوعة. ولا يكاد يجهل باحث اليوم أن التربية كانت في السابق وقفاً على رجال الدين، يعاونهم في أدائها أحياناً أفراد الأسرة من الراشدين الذكور، يمتنع اجتماع الصفة الدينية والصفة العائلية في الشخص المربى. تجد التربية منوطا بالكهنة من قدماء المصريين، وكانت اتجاهها عملية نفعية. أما التربية عند اليونانيين الأقدمين فكانت تختلف في إسبارطة عنها في أثينية. تستهدف خلق الجنود الشجعان في الأولى، وهي في الثانية أكبر عناية بتنمية المعارف والمدارك والشعور بالجمال والانسجام، ولكنها كانت في الحالتين إخضاع الفرد لأوامر الجماعة، وجعله قابلا لنزعات الحكومة، يتلقاها دون مقاومة، ويقبلها قبولا أعمى.
أما في روما، وإمبراطوريتها الواسعة، فقد كان اتجاه التربية عمليا يقدس الشرف العسكري في الدرجة الأولى، وبهمل حياة الفنون والآداب. وكانت الصبغة الدينية تبدو هنا وهناك في مختلف أقطار العالم القديم.
وفي القرن الوسطى الأوربية كانت التربية دينية مسيحية، ولما أشرق عصر النهضة انتشرت المبادئ العلمانية في التربية، وأخذت الناحية الأدبية الإنسانية تسود بانتظام وما