برحت الحركة العلمية والفنية في نمو وازدهار حتى أصبحت اليوم بمثابة التوجيه العالمي لقضايا التربية والتعليم الحياديين من الناحية الدينية.
وفي هذا الاتجاه تجد الدولة أصلاً في تأمين وظيفة التربية والتعليم اجتماعيا فلا تكاد تدع للأسرة مجالاً، أو للمؤسسات الدينية فسحة، محدود للتدخل في شؤون إعداد أبناء الأمة للحياة. وفي بعضها لازال أمر التعليم متروكا للمؤسسات الدينية من الناحية الروحية فحسب، على أن تكون هذه المؤسسات موضعاً لمراقبة حقيقية، لا تغفل ولا تماري.
التربية العربية
ونختم هذا البحث بالإشارة إلى ما كانت عليه التربية عند العرب منذ أقدم العصور وكما وصلت إلينا، ففي العصر الجاهلي كانت أهداف التربية تقتصر على إعداد الأبناء لتأمين أسباب الحياة المادية الضرورية. وكان العرب يقسمون إلى بدو وحضر. وكان تحصيل العيش واللباس ومدافعة الأعداء وقهر عوارض الطبيعة أكثر ما يرمي إليه البدو في تنشئته الأطفال، حتى تشتد سواعدهم، وتقوى أجسامهم، وكان الحضر من العرب يعملون إلى جانب ذلك بالصناعات والمهن كالطب والهندسة والنجارة والتجارة. والعرب جميعاً كانوا جد حريصين على غرس الخصال الحميدة والخصال النبيلة في النفوس، مما شهروا به، واشتهر بهم.
وكانت الأسرة أو العشيرة هي التي تقوم إجمالاً بوظيفة التربية والتعليم.
وكانت أسواق العرب تغني عن المدن الجامعية وكان للمرأة في كل ذلك شأن أساسي عظيم، ونصيب وافر كاف.
ولما وجد الإسلام وذاعت تعاليمه في الجزيرة العربية وسوريا والعراق ومصر وأفريقيا الشمالية والأندلس وأنتشر شرقاً حتى عم فارس وقسماً كبيراً من الهند وغيرهما. . . . اتسعت آفاق التربية والتعليم، واختلطت ثقافات عديدة في ظل المملكة العربية الإسلامية، وكانت التربية آنئذ تجمع إلى أغراض الدنيوية، غرضاً أخروياً، في جميع أوساط المجتمع العربي على السواء.
وكانت معاهد التعليم تتمركز في الجوامع والمساجد والمستشفيات ثم ظهرت المدارس ذات الاختصاص، ووجدت دور الكتب والمطالعة ولكن تنظيم التعليم والتربية كان يتفاوت من