إن منظر هذه النباتات يدل على أنها نباتات عادية ولكن عندما يمسكها المرء يشعر بأن لها قلوبا تخفق. مري بيدك فوقها فلعلك تعرفين دقات قلب ولدك.
- ثم ماذا تعطيني إذا علمتك أشياء أخرى يجب أن يكون لك علم بها؟
فقالت الأم المحزونة:
- لا شيء عندي أهديه ولا نظر. ولكنني مستعدة أن أطوف العالم وأحمل إليك ما يرضيك.
فأجابت العجوز:
- أعطيني شعرك الأسود الفاحم لأستبدله بشعري الأبيض، فأنت تعلمين كم هو جميل هذا الشعر!
- أهذا كل ما تطلبينه؟ هاك خذيه.
فقلعت شعرها الأفحم الجميل الطويل، شعرها الذي كان مصدر خيلائها اذ كانت بهيجة. واستضاعت عنه بشعر أبيض قصير قبيح.
فأمسكت العجوز يد الأم وأدخلتها إلى الصرح العظيم الذي جمعت حوله نباتا غريبة متشابكة وأجراس براقة كأنها الياقوت، وصلبان بعضها صغير وبعضها ضخم منتفخ. ومستنقع حوى مزروعات خضراء ونصف خضراء، التفت حول جذورها الأفاعي. وهناك إلى الجانب الأخر تنتصب أشجار البلوط والدلب والنخيل وفي جهة أخرى يمتد نبات البقدونس والسعتر وغيرها من النباتات المفيدة، وشجيرات زرعت في أصص ضيقة تحاول أن تنفجر. وزهور شيطانية مغروسة في أوان فخارية عني بها عناية تامة. جميع هذه النباتات تدل على حياة البشر الذين يعيشون الآن على أديم الأرض من أقاصي الصين إلى جزر غروآنلاند.
كانت العجوز تريد أن تشرح للأم كل ما في هذا المكان من أشياء غريبة ولكن الأم كانت تتلهف إلى لقاء ولدها. فرجتها أن تقودها إلى مقربة من النباتات الصغيرة. وبدأت تمر بيدها من فوقها. وأخيرا وبعد أن جاست يدها حول آلاف الشجيرات، عرفت الأم خفقان قلب ابنها، فصاحت باسطة يدها المقوصة الهزيلة: