للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مدرسة؟ بل في حياة عامة نشيطة، موافقة لميوله.

ولما حان وقت الدرس، قرع الجرس، فاصطف الأطفال وبعد التفتيش على نظافة ثيابهم وأجسامهم وأسنانهم وأظافرهم، عزفت إحدى المعلمات على البيانو النشيد السوري ورافقها الأطفال في الإنشاد بأصوات ملائكية وألحان شجية أعقب بتحية الروضة فالدخول إلى الحجر الجميلة، الواسعة النظيفة التي يتخللها النور والهواء والشمس من كل جانب، ويتناسب لون أثاثها مع لون جدرانها وما فيها من صور ورسوم، ولا تخلو من أزهار جميلة بديعة التنسيق. فالروضة تربي في الطفل حب الجمال وتقديره والإعجاب به من حيث لا يشعر.

دخلت والمفتشة حجرة الأطفال الذين تتراوح أسنانهم بين الثالثة والرابعة، فوجدتهم جالسين على كراسيهم الصغيرة وراء مناضدهم المناسبة لقاماتهم. والمعلمة واقفة بينهم تستميل انتباههم لتلقي عليهم حكاية إطاعة الوالدين ولما تم لها الأمر بإلزامه السكوت، ابتدأت تقص عليهم بصوت متغير، ممزوج بالعذوبة، ومملوء بالروح والنشاط، مع مجاراة سويتهم بالحركات والأقوال، والاستعانة بالرسوم تسهيلاً لرسوخ الحكاية في دائرة مخيلتهم.

لقد وجد الأطفال لذة عظيمة في سماع هذه الحكاية، ودخل السرور قلوبهم وكادو يسحرون وينسون كل شيء، كما كدت أسحر معهم لأن وقع الحكايات في التربية لا يعرفها إلا من ذاق حلاوتها، وعاشر الأطفال أنفسهم ورأى ما يخامرهم من السرور والفرح عند سماع الحكاية. فالحكاية تضيف شيئاً من القوة الحيوية إلى روح الأطفال. وتكسبهم تمريناً مفيداً لقواهم النفسية، وتفتح أمامهم باباً لإحساساتهم الخيالية، وتقوي رابطة المحبة بينهم وبين معلماتهم، وتتخذ وسيلة للحصول على أغراض شتة في التربية قد لا يمكن الوصول إليها بغيرها.

ثم انتقلنا إلى حجرة ثانية، فيها أطفال بين الرابعة والخامسة، يتعلمون القراءة. ولكن كيف يتعلمونها؟

إن الطفل ميال إلى حب اللعب بالأشياء اللينة القابلة للتحول إلى أي شكل في وقت قصير مثل العجين، ويجد لذة عظيمة عندما يعمل بيديه. فقد وضعت المعلمة بين يدي كل طفل قطعة من المعجونة يشكل منها الصوت الحرف الذي تطلبه منه. وكان يزداد حب الطفل

<<  <  ج: ص:  >  >>