خلافة في غير أهلها من العرب، ولم يتقلص ظل العثمانيين رسميا قبل عام ١٩٢٢.
واجبنا
هذه أرض ذكرانا وسماؤها، هذا تراثنا ورأسمالنا، فما عسانا نفل في الأرض وفي السماء؟ بعضنا وفيهم السواد منا ناعم البال قرير العين يعيش عيش الإنعام ويموت موت البعير، فلا كان احترام للأنعام ولا مجد للبعير، الهناء لديهم جهل وخلو من الذكريات، والإنسانية عندهم طعام واجترار، لا وطنية يفهمونها مع الإيمان، ولا قومية يقدمونها مع الوجود، تباً لهم ورحمى، إنهم كالمادة أعماها الاستعمار، فهي ترجو النور، وكالمعدن أثقله التراب فهو يأمل الخلاص، وهذه الشعوب من جماهير الأمة العربية ترسف وتتألم، وقد آن لها أن تقدس وتحب وتنقذ، إن حياة الأمم لا تحتمل الإهمال، ونهضة البلاد لا تقوم على القيد وبالقيد، حارسها أخلاقها الطبيعية، والطبيعية فحسب، وسلاحها العلم، والعلم من غير السحر، أما منقذوها فهم أبناؤها، وأبناؤها العاملون، المفكرون المتقدمون، يفهمون الذكرى، ويجدون فيها هواهم وصوتهم وعقلهم، ويحيون مجداً عربياً ليس المجد العربي السالف غير أصله وصداه، ويطلبون نهضة ترتكز إلى الماضي من غير أن تكتفي به، ويرمون إلى الحياة بالحياة، وإلى الشعر بالأمل، يتوسعون في فتح مغالق الإنسانية، واكتساح ظلمات الجهل والضيق، صدورهم معامل تنقية لا منافخ العبث وإلا فساد، وقلوبهم انبساط بعد تقلص لا انقباض على ضيم، المعلم عندهم حجيرة ينمو عنها الدماغ، والتاجر عندهم جسر للتقدم لا بئر للاحتكار، ليست أقوالهم ألفاظا، ووعودهم سرابا، وشعرهم صياحا، وصياحهم بكاء.
الوجود كتلة الحب في الفؤاد، وروح الحلم في النفس، وصورة الذكرى المتجددة بالود، والمتقدة بالعاطفة، والمنتهية إلى اليمن والإقبال، والأمة وجودها عقل في القلوب، وشعرها ابتسامة في القومية، وأدبها جوهر في العقد، وإما تاريخها. . . فهو الذكرى في صورة حلم مجيد.