للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخارجية وعن كل ما هو ظاهريّ، أي هو الحياة مع أسرار النفس. نشاهد طلائعه في سن الثانية عشرة عند الفتيات والرابعة عشرة عند الفتيان، أي أنه معاصر للشعور بالأنا. ويمكننا القول بأن الحادثين متداخلان متشابكان رغم هذا التقسيم الاصطناعي.

أما العناصر التي يقدمها إلى الأنا هذا الاعتكاف على النفس فهي حس بتقدير الزمن أي الشعور بالمدة، ثم تكون تفكير شخصي أي عناصر عاطفية تتولد منه محاكمات ومفاهيم فردية، وأخيراً معرفة الذات وتفريق المراهق بين شخصه والأشياء المحيطة به معتمداً في ذلك على ثروته النفسية الفياضة.

٣_فرض الشخصية

يبدأ المراهق بفرض آرائه حينما يشعر بشخصيته وقيمتها الكبيرة ويقوم بأعمال فردية تدلنا على تشبث واعتماد على النفس. ونرى ظهور هذه الشخصية بصورة عنيفة وهجومية في بعض الأحيان. وقد يشعر الفرد بأنه مركز لكل حقيقة وما ذلك إلا لان قوة حيوية فيه تحاول التحرر والإشعاع، وميل شديد إلى المعرفة العالم أجمع دون الوقوف عند حد. تدفع هذه العوامل الناشئ إلى التجربة والعمل وإلى التغلب على كل صعوبة بإرادة قوية وعزيمة صادقة.

أما الحياة الأخلاقية فتتصف باحترام المراهق الشديد لخصيته التي اكتشفها حديثاً. ولا يرضى مطلقاً أن يتهم بالكذب أو غيره لأن التهمة من هذا النوع تجرح عواطفه النبيلة، فهو ينظر إلى الكاذب كالجبان النذل. وبجانب ذلك فهو حريص على تحمل نتائج أعماله ولا يتهرب من المسؤولية. ويعقب الشعور بالمسؤولية حب قوي لمعرفة الحقيقة. فنراه يميل إلى النقد واكتشاف الفكر ويتأرجح حماساً في سبر غور الأمور ورفع الستار عن المجهول.

والخلاصة فإن المراهقين يعتقدون اعتقاداً جازماً بأن ثروتهم الفكرية كبيرة جداً ولا يمكن لأحد أن يجاريهم، فهم أشد ذكاءً وأقوى نفساً وأطهر أخلاقاً من جميع الناس، ونشاهد غالباً أن هذه النظرية المعجبة بالنفس تقودهم إلى حب السيطرة وإعطاء الأوامر.

تحرر الأنا

تبين لنا مما تقدم بأن ظهور الشخصية يتلوه اضطراب نفسي عميق يقض مضجع الناشئ

<<  <  ج: ص:  >  >>