للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويدفعه أخيراً للخروج من وحدته والتعبير عما يجول بخلده، فيسجل مذكراته، أو يكشف أسرار لصديق، أو يزداد ورعاً، أو ينتحر.

المذكرات_يسجل بعض الطلاب مذكراتهم ويبدأ لديهم هذا الميل في سن الخامسة عشرة إلى السابعة عشرة. ما الأسباب التي قادتهم إلى ذلك هي: اهتمامهم بأعمالهم الشخصية وبسلوكهم، وبتفكيرهم وبعواطفهم.

الصداقة: يحتاج المراهقون في كثير من الأحيان إلى صديق يختارونه ممن يتقارب معهم في التفكير ويطمعون وحده على أسرارهم ولا يكونون بذلك قد خرجوا عن وحدتهم إلا ليندمجوا في شخصية ثانية تشاركهم في العواطف، ويعتقد كل من الصديقين بأنه لا يمكنه التفاهم مع أي فرد من الناس سوى مع رفيقه. يقول مراهق في سن الثامنة عشرة: بأنه يرتاح جداً لصداقته مع رفيق له لأنه متأكد بأنه يحفظ له أسراره، ولأنها قطعا عهداً بأن لا يخفي أحدهما عن الآخر جميع الأمور التي لا يسمحان لا حد معرفتها.

ونرى أن هناك نوعاً من التقليد بين الصديقين لأن كلاً منهما معجب بالآخر يتبادل مع رفيقه عقائده وأفكاره وأسراره. غير أن هذه الصداقة لا تدوم بل تتلاشى مع الزمن.

التدين: أن الحياة الداخلية الناشئة تساعد على نمو شعلة الإيمان. يبدأ الهرب من التعاليم الدينية مع ظهور البلوغ ثم ينقلب هذا الهرب إلى حب صحيح وورع عميق إذ تحلق الروح نحو الخالق، وبهذه الواسطة تتحرر من انقباضها على نفسها وتستمد قوتها من العناية الربانية.

الانتحار: وهو قليل الوقوع. ينتج عن عراك نفسي طويل، ينتهي بالمراهق إلى الخروج من المأزق الذي هو فيه. ولنضرب مثلا ما كتبه طالب قبل انتحاره: إن العالم سيتخلص من مغفل مثلي. ويقصد بذلك أن الناس لم تفهمه فحكمت عليه بأنه مغفل. وكتبت فتاة انكليزية قبل انتحارها إنها الطمأنينة كبيرة يشعر بها المرء حينما يعلم بأنه بعد بضع دقائق لن يكون بحاجة إلى طعام أو نوم أو ضحك أو حزن.

جميل محفوظ

<<  <  ج: ص:  >  >>