عوامل كمقدرته على الرجع العاطفي وعلى شروطه الصحية وماضي حياته. فالمثاليون إذن يرون الجمال شيئاً فاعلياً فهو ليس بنظرهم ميزة أو خفة للشيء ولكن نتيجة محضة لتأملنا به وهم يرون إن هذا التأثير يولد غالباً ضمن ظروف خاصة. فالبناية لا تخلق الشعور بالجمال إذا رؤيت من الطائرة، وان أحب الأشخاص إليك قد لا تراه جميلاً في كل مواقفه ونواحيه، فبعض مواقف تبدو غير مستحبة والبعض الآخر يبدو جميلاً. والمتأمل في الشيء يجب أن يكون قادراً على تذوق نواحي الجمال فيه كما يجب أن يكون في حالة نفسية تساعده على تذوقه.
ويتبين لنا من النظرية المثالية للجمال أنها تراه بشكل ذاتي بينما يتصوره التطور موضوعياً. ولا مرية إن الاعتقاد بان الجمال هو شيء ذاتي محض لهو قول يشوبه كثير من الضلال، إذ كيف نفسر الأمر بان ليست كل الأشياء قادرة على أثارة الإحساس بالجمال في نفوسنا وانه من الجائز، في مكنتنا، أن نعين شروط الجمال، ونصف عناصره من حيث الخطوط والشكل واللون. ثم كيف نحتم وجود التناسق والاتساق في الأشياء الجميلة، هذه الأسباب التي يعتبرها التطور كمظاهر أساسية نتجت عن حركته ثم شخصها الإنسان في الجمادات.
لا شبهة إن المثالية كانت اقدر من التطور على العناية بماهية الجمال بيد إن التطور كان أسبق منها في العناية بالأهداف حتى استطاع أن يلقي ضوءاً ساطعاً عن الجمال وغاياته وأسباب تذوقه.