إلى نهايتها وسأل صديقه ما الخبر فأجابه: إن جريدة تصدر عن هذا البناء وقد تقرر إنقاص أعدادها بسبب أزمة الورق ولذا توافد الناس لأخذ الجريدة، هؤلاء الذين تراهم إنما ينتظرون دورهم لهذه الغاية. فتعجب الشرقي لذلك، ولكن ما زاد في عجبه إن كلبا كان يقف بين البشر منتظرا دوره لأخذ الجريدة.
إن روح النظام لدى الغربيين عادة فهم ليسوا بحاجة إلى من ينظم سير حياتهم إذ إن كلا منهم يعرف ما له من الحقوق وما عليه من الواجبات ولا أدل على ذلك من القصة الآتية:
نزل على أحد الانكليزيين ضيف شرقي وكان لدى الانكليزي أعمال كثيرة، فدفع إلى ضيفه بأدوات الصيد وطلب إليه أن يتسلى في الغابات ريثما يتم أعماله وعندما عاد الضيف كانت جعبته مليئة بالطيور ولما فضها أمام الانكليزي صاح هذا الأخير
_ ويحك لقد اصطدت الطير الأبيض والحكومة قد حرمت صيده
_ أنا لا أعلم ذلك
_ إذن سأذهب إلى خفير الغابة كي أدفع له ثمن الطير.
_ ولكن لم يرني أحد
_ فليكن. . . النظام هو النظام. . يجب حفظه والتمسك به
_ إذن سأدفع أنا الثمن.
_ لا سأدفع أنا لأنني لم أنبهك قبل ذهابك.
ثم سار إلى الغابة فدفع ثمن الطير للخفير.
والآن بعد هذه المقارنة البسيطة أقول أن التربية تتم على ثلاثة مراحل:
١ً_توليد الأفكار
٢ً_توليد الميول والعواطف
٣ً_تكوّن العادات
فلكي نربي الفرد تربية اجتماعية حقه علينا أن نسلك هذا السبيل بأن نفهم الروابط التي تربط الأفراد والجماعات وأنظمة المجتمع ثم الفوائد التي تنجم عن الاجتماع والتضامن وبذلك نولد العواطف المخلفة من شفقة ونخوة وتقوية الشعور بالغيرية ولا يكفي أن يفهم الفرد كل شيء نظريا بل عليه أن يمارس ذلك عملياً.