الاجتماعي، وأثر هذه العوامل في مجتمعنا السوري، وأخيراً أنتهي إلى النتائج التي أستخلصها من هذه الدراسة.
أ - العوامل المؤثرة
إن هذه العوامل مهما اختلفت وتنوعت أسبابها لا تخرج عن عوامل طبيعية وعوامل بشرية.
١ - العوامل الطبيعية: فالعوامل الطبيعية تتجلى في شكل
التضريس، وشرائط الإقليم، والموقع الجغرافي.
أ) شكل التضريس: هناك تباين بين عمر سورية التاريخي وعمرها الجؤلوجي، فمن الوجهة التاريخية تعتبر سورية من أقدم البلاد في العالم، ومن الوجهة الجؤلوجية تعد من أفتاها.
وهي من حيث تضاريسها تنتسب إلى الدور الثالث الطبقي أي إلى ذلك الدور الذي حصلت فيه تلك الصدمة الأرضية العنيفة فانبجست عنها كتل الأقواس الجبلية أي كتل جبال الألب وهيمالايا الممتدة من غرب أوربة إلى شرق آسية، وغارت حفرة الانهدام الممتدة من جنوب شرقي افريقية خلال البحيرات والبحر الأحمر وغور فلسطين وسهل البقاع والغاب لتنتهي وتغيب أخيراً عند أقدام طوروس، وتصدعت بنتيجة الانهدام أرض سورية وخرجت من بين الانهدامات والانكسارات الحمم البركانية وكونت الحرات.
عن هذه الحوادث الأرضية تشعبت حول صخرة حرمون مروحة جبلية تطاول منها سلسلتان متوازيتان امتدتا بانتظام من الشمال إلى الجنوب وسايرتا شاطئ المتوسط، وحادت بقية الفروع نحو الشمال الشرقي حيرى تهيم في البادية حدباء كالإبل تخب في الرمال.
وكان من نتيجة هذا التشكل الأرضي أن تجزأ التضريس السوري إلى كتل منعزلة وابتعد الداخل عن الساحل ولبث أسير الصحراء لا يتنسم البحر إلا من بعض الكوَات كما يتطلع السجين إلى الحرية خلال الشباك.
عن هذا الانعزال في التضريس نشأ انعزال في حياة السكان وطبع كلاً من الجماعات البشرية المقيمة عليه بطابع خاص. فكأن التضريس قد هيأ إلى الانطواء والتقلص سبيلاً.