مظاهر لهوِ وجدِ أمتنا في عصورها الماضية. وأخيراً يخصص مكان يسمى سورية في العالم الغاية منه تبيان الإشعاعات الثقافية التي صدرت من بلادنا إلى غيرها من الأقطار والتي تثبت إلى حدٍ بعيد مساهمتها في بناء المدنية العالمية.
ومن المفيد أيضاً أن يفرد جناح خاص في قصر العظم تعرض فيه الأشياء المادية وغيرها التي تتعلق بتاريخ دمشق في القرون الأخيرة. فتمثل بواسطتها حياتها العامة والخاصة، وترى أسواقها القديمة التجارية التي أخذت من مدة قريبة تختفي تحت معاول الهدامين وحوانيتها وحماميها ومدارسها، ومجالس حكامها ودكاكين باعتها وصناعها، ومجتمعات رجالها وحياة نسائها وذلك حسب ما بلغنا من ذكريات عن مدنيتنا نسعى إلى حفظها خلال نماذج جصية وخشبية يصنعها فنانون يغذي خيالهم ويقود أيديهم المختصون في هذه الأبحاث.
والفائدة المرتجاة من هذا المتحف عظيمة الأهمية نظرياً وعملياً. ويقول الألماني (بفاف جيسبرج) منظم أحد المتاحف الإنتوغرافية المشهورة: إن فائدة المتاحف الاتنوغرافية لا يجب أن تقتصر على إعطائنا معلومات نظرية مجردة بل يجب أن تتعداها إلى فوائد اجتماعية محسوسة. إذ أنه يمكن أن تنشأ بالقرب منها المقاهي والمطاعم ولا مانع في أن تعزف في داخلها وفي باحاتها الأجواق الموسيقية الشعبية. وليس من ضيرٍ أن تقام فيها الحفلات الثقافية والحفلات الراقصة وغيرها. والغاية المثلى أن يصبح المتحف حياً وأن ينتبه الناس إلى أهمية محتوياته وكنوزه فيقبلون على دراستها فتنتشر المعرفة وينمو الذوق بين الناس.
وليس بخافٍ أن إقامة هذا المتحف تتطلب جهوداً كثيرة ودراسات واسعة وتصاميم متعددة تتعدل حسب ما يطلبه الرأي العام. والأساتذة والمعلمون هم أول المدعوين للمساهمة في إخراجه إلى حيز الوجود، لأنهم قادرون على توجيه الذين سيعملون فيه بإيحائهم وأفكارهم ودراساتهم في المناطق السورية التي يعيشون فيها من جهة، وعلى مساعدة مديرية الآثار العامة في جمع الأدوات والثياب وأدوات الزينة وغيرها التي تعبر عن ثقافات البلاد الشعبية من جهة أخرى ونحن منتظرون من جهودهم خيراً كثيراً من تحقيق هذا المشروع الذي سيعود عليهم وعلى تلامذتهم بالخير العميم.