- هو. . هو. . لقد انتظرته وها هو قد أتى. . ألا تروه؟
ولكنه لم يكن سوى كتلة مظلمة مجهولة تظهر على الطريق المظلم فلم يكن المرء ليميزها عن بعد ولكنها هي عرفت هيأته وطريقته في المشي، ومن هنا علقت أنظارها عليه وأخذت ترمقه من علو وفجأة ظهرت فجوة تحت أجفانها فقد انقسمت الكتلة السوداء إلى قسمين وكان من الظاهر أن أحد الكتلتين ترتدي ثياباً نسائية.
وما إن وصل الرجل حتى وضع يده على كتف (لاتيا) ليبعدها عن طريقه ونادته الفتاة بصوت مختنق ثم صرخت وتابعت العويل بقوة والتفت الرجل إليها ولم يكتف بالنظر إلى وجهها بل انفجر ضاحكاً وأمسك بذراعها فنحاها عن طريقه ودخل المقهى.
أما هي فقد اشرأبت نحوها الأعناق وهي تمزق ثيابها فتلقي بها جانباً ثم تتجه نحو منزلها بثياب حواء. . .
لقد كان هذا الرجل خطيبها الحبيب. . .
وفي اليوم الثاني قالت سيدة لأخرى
- ألا تعرفين لاتيا
- لا
- حسناً تعالي وانظري
ونظرت المرأتان. كان كل شيء قد تغير فالحديقة البديعة المنسقة قد أصبحت قاحلة جرداء وقد تكدست فيها الأعشاب الجافة ذلك أن لاتيا قد اقتلعت الأزهار وألقت بها جانباً وفجأة فتحت لاتيا باب منزلها وصرخت بالمرأتين:
- ماذا أتى بكما إلى هنا؟
- من المؤسف أن تصبح الحديقة على هذه الصورة يا آنسة لاتيا.
فقالت لاتيا وقد أمسكت بمنجل حاد يلمع:
- أتنظران هذا. . لقد حصدتها به. .
ثم ضربت به الأرض. واتجهت نحو المرأتين. وإذا بها تبدو امرأة عجوزاً وقد تدلى شعرها القذر على كتفيها بإهمال بينما ظهرت التجاعيد على وجهها كستائر سوداء مسبلة