فهبط من السّماء إلى الأرض، فإنّه الآن يرغب عن السّماء إلى المجتمع، ويكاد يعنى بالسيطرة على النّاس، وإذلالهم، أكثر من إيمانه بطاعة الله، وأصبحت القيم الروحيّة ثانويّةً هزيلةً والأمم النّاشئة المتجدّدة، كأمّتنا العربيّة اليوم، ليس لها أن تتغاضى عن حقيقة النّمو الإنسانيّ العالميّ، وإذا أخذت سوريّة المستقلّة بالإحصاء فهي خطوةٌ ذكيّةٌ أولى، لا تتمّ إلاّ إذا أحسن إتمامها، ومن المعروف أنّ الأرقام في الإحصاء كائناتٌ صامتةٌ يجب أن تفسّر تفسيراً علميّاً دقيقاً، ويجب أن تتّخذ هذه الأرقام المفسّرة لما صنعت له، أيّ وسيلة للإصلاح الاجتماعي، الذي يجعل المجتمع السّوري والمجتمع العربيّ ناهضاً على أسسٍ من العلم الإنسانيّ المتين، فلا نقتصر على القشور، ونعمى في الجدل حول تقديم العناية بالجسم على العناية بالروح، أو نغفل عن قراءة معاني الأرقام وراء الأرقام، فنحن نأخذ من الحياة العالميّة بسبب متزايد باستمرار، ولكن ليس ينقذنا أنّ نقلّد من غير فهم، ولا أن نتظاهر بالقول من غير عمل وإنا لننتظر من الإحصاء وبعد الإحصاء الإصلاح الصّحيح / إصلاح الفرد وإصلاح الجماعة، وإنّ التاريخ والوجود ليقرآن حقّ الفرد العربيّ والجماعة العربيّة في النّهضة والتّقدّم والحياة.