للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن أبسط طريقة لتدريس التاريخ هي القصة. وهذه القصة قد تكون صحيحة أو أسطورة وواجب الأستاذ هنا أن يعرف التلميذ هنا أن من القصص ما هو صحيح ومنها ما هو خطأ فتبدأ عنده يقظة الفكر ألانتقادي.

وقد يرى التلميذ أن من الحوادث ما يروى بقصتين متناقصتين فيعلم أن كل قصاص لا يقول الحقيقة. يستفيد الأستاذ من هذا التنبيه فيبين للتلميذ فكرة اختلاف المصادر وقيمة كل منها ويجعله يتثبت أن الشاهد العيان أفضل من المخبر الذي يعتمد على التواتر. وبهذه الطريقة يكتسب التلميذ عادة الشك الذي هو بدء التمرن على الانتقاد. وعادة الشك هذه تفيد في الحياة الخاصة لأنها تدفع إلى الحيطة والحذر من الوقوع في الخطأ إذا ما استسلم المرء إلى ضجيج الأخبار، وفي الحياة العامة لأنها تقي من الثقة بشهادة الشهود وبأخبار الصحف وتصريحات رجال السياسة.

يتضح لنا مما تقدم أن الفائدة التي نحصل عليها من دراسة التاريخ هي الفائدة لها أثرها في التربية الفرد والجماعة. ولذا يمكن القول أن التاريخ من هذه الناحية يستطيع أن يهيئ للحياة. ولسنا بحاجة إلى الإلحاح أن هذا الواجب ملقى على عاتق الأساتذة قبل غيرهم إذ لا يخفى أن بين تلاميذهم من سيكون منهم العالم والأديب والمصلح ورجل السياسة والإدارة وكل هؤلاء أهل ثقافة وكل مثقف لا بد له من معرفة التاريخ.

إن من يتأمل في وضع بلادنا الحاضر يرى أنه زاخر بالشذوذ من بقايا الأتراك ومخلفات الفرنسيين. وإن خير وسيلة لانتشالنا مما نتخبط فيه من تقاليد بالية ومحافظة ضيقة وبلبلة فكرية هو إصلاح جزري يتناول جميع مرافق الحياة ولعل رجال الإصلاح يهتدون في أصلاحهم على نور التاريخ.

حلب

نور الدين حاطوكم

<<  <  ج: ص:  >  >>