يستطيع أن يدرأ عن نشاطه أشد خطرين أولهما الشعور. أن الفرد غير قادر أن يحرك ساكناً في الجماعة وهذا الشعور بالضعف يؤدي على التخاذل والنكوص، وثانيهما شعوره أن الكتل البشرية تتطور بالغريزة ولذا فالتقدم حاصل ولا حاجة للعمل في المجتمع، وكمحصلة لكل ذلك جمود في الحركة وركود في الفاعلية.
غير أن التاريخ يرينا أن الأفكار الثابتة من الممكن مكافحتها وأن للهيئة الاجتماعية رأياً يسمى الرأي العام وهذا الرأي لا يتبدل وحده وإن شخصاً بمفرده قادر على تغييره، إلا أن تكتل الأفراد وتنظيم جهودهم وتوجيهها في اتجاه معين تغير هذا الرأي. إن هذه المعرفة تمنحنا الشعور بالقوة وتدفعنا إلى القيام بالواجب وتعين لنا الطريق التي نسلكها في توجيه الرأي توجيهاً مفيداً ونافعاً. إنها التفاهم والتعاون مع أقراننا ممن أشبعوا بنفس النوايا مثلنا للعمل سوية في تحويل الرأي وتوجيه سواء بتربية الجيل الناشئ أو الدعاية بين الراشدين. وخاصة الشباب الذين يكونون عادة أكثر استعداداً لقبول الأفكار الحديثة.
اتساع أفق التفكير._إن الحوادث التي يدرسها التاريخ كثيراً ما تكون معقدة مبهمة ولفهمها وجب تحليلها وبيان جميع الشروط التي أوجدتها. والتاريخ يوضح أن ليس هناك حوادث منعزلة وإنما سلسلة من الحوادث تتوالى وتتشابك مع بعضها وتؤلف مل يسمى قضايا. والفائدة التي تعود علينا من هذه الدراسة هي أن التاريخ يعودنا إلا ننظر إلى قضية من القضايا التي تعرض علينا في حياة زاوية خاصة أو ضمن نطاق يضق بمنظار مكبر يستجمع العناصر التي تدخل في تركيب القضية. النزاهة الفكرية._أن دراسة الحوادث البشرية الماضي ترمي إلى البحث عن الحقيقة وحكمنا على الماضي يكون أكثر تجدداً وأكثر موضوعية أما حكمنا على الحاضر فكثيراً ما يكون مشوباً بالهواء ومصطبغاً بصبغة نفعية. ولذا فان التاريخ يفيد في الاعتياد على الحياة وعدم التحيز أي ما نسيه بالنزاهة الفكرية.
نمو الفكر ألانتقادي._أن مزاولة الطريقة الخاصة بالتاريخ أي الطريقة ألانتقاديه تنقي الفكر من جرثومة التصديق العامي وتجعله لا يقبل بما يعرض عليه ألا بعد الانتقاد والتمحيص. وليس من الضروري مثلاً في التدريس أن يلقن الأستاذ التلميذ مبادئ الانتقاد التاريخي ليحسن استعمالها ولكنه ينهز الفرصة لتطبيقها عملياً دون الالتجاء إلى أي تغيير فني.