للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولنبعد كلّ التباسٍ يجب أن نقول بأنّ الشباب الألماني أقبل منه من أيّ شيءٍ شابٍّ آخر على الاندماج في منظّمات الشّباب وفهم تعاليمها التي تتلائم مع عقليّته. وحبّ الجماعة والرّضى بسيادة الرّاشد عليه وقيادته في الحياة. وهذا شأن الرّوس أيضاً وما ذلك إلا لأنّ البيئة قد تغيّرت فتغيّرت معها أشكال الأزمة.

نستنتج مما مرّ بأنّ هناك أزمنةً تساعد على انبثاق هذا الاضطراب وأخرى تخنقها في المهد. إنّ عهد الثورات والاضطرابات وعهد العقائد الرّوحية والأزمات السّياسية تساعد كثيراً على هزِّ نفسيّة المراهق وجعلها حالة فعّالية شديدة ويقظة غريبة.

وإذا كان صحيحاً أنّ للبيئة تأثيراً كبيراً في نموّ أو اضمحلال الأزمة فمما لا شكّ فيه أنّ للشباب تأثيراً في الحياة العامّة يزيد أو ينقص نظراً لنسبتهم بين مجموع الأمّة ولنضرب لذلك بعض الأمثلة:

كان عدد الشّباب كبيراً في سنة ١٧٨٩م حينما اندلعت الثورة الفرنسية، إذ كان سكّان فرنسا في سنة ١٧٦٢م اثنين وعشرين مليون نسمة وأصبح في سنة ١٧٨٩م ست وعشرين مليون نسمة. لقد فرض هؤلاء الشّباب تفكيرهم على معاصريهم وقادوا أكثر الحركات التحررية، واستلموا قيادة الجيش، حتّى كان منهم ضبّاط، لا تتجاوز أعمارهم العشرين سنة وهو برتبة جنرال، وتمكّنوا من تدمير الأنظمة البالية بتضحياتٍ لا يعرفها إلا الشّباب وشادوا بنياناً جديداً.

أمّا في ألمانيا فإنّ عدد المراهقين الزّائد، بعد الحرب العالمية الأولى ساعد على وجود منظّمات للشباب قويّة تدعى وساعد أيضاً على إقامة نظامٍ اجتماعي جديدٍ وهو (الوطنية الاشتراكية). ويمكننا أن نرى نفس العوامل في انبعاث الفاشيستية في إيطاليا والشيوعية في روسيا. فهي اتّجاهات فلسفية وضعها الرّاشد فاهماً روح المراهق، معتمداً على نفسه المتّقدة، ولذا فقد نجحت هذه المبادئ نجاحاً كبيراً.

ولنا من جهاد شبابنا مثلٌ ناصعٌ عن حيويّته وتأثيره الكبير في توجيه الأمّة في نضالها منذ الاحتلال الفرنسي حتّى الجلاء. لقد قاد المظاهرات الشّعبية متمرّداً على الظّلم والاضطهاد، ونفّذ خطط الزّعماء، وسار في مقدّمة الصفوف يخترق النيران معرّضاً نفسه إلى أشدّ الأخطار، إلى أن حقّق الله لنا الاستقلال والسّيادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>