الكواعب من النساء، وتحدثني كل منهن عما تكتمه عن أبيها وأخيها وزوجها، أعاهدك اللهم إني أن أمل حديث النساء اللاتي حلقت وأحسنت، وأحمدك على هذه النعمة التي وهبتن فما هي قدسية القديس لولا المرأة، وما أعطيها من جمال وإغراء؟ سأعود إلى قرية البشر منذ الآن. واسلك الطريق التي يعرف أولها، طريق السعادة.
لم تنته هذه الصلاة حتى انتفضت الحمامة الجميلة البيضاء، وانتشرت روح القدس وهي من روح الله، والله يعلم أن نظام الأرض قد فسد اليوم في الشرق والغرب، الناس جميعهم أفراداً وشعوباً يتحرون السعادة ولكنهم يتقاتلون ويغلظون كأكثر ما تتقاتل الوحوش الضارية وأدهى. يظلم بعضهم بعضاً، ويتناهون إلى الكذب والكبرياء، وهذا الله العظيم يعلم إن السعادة لا تسود أرض الإنسان الآن، وهو يعلم إنها تحقق في نفوس الناس حين يرضى الناس العيش في قريتهم الأرضية بعد آلاف القرون، وحتى آلاف القرون، من الأعمار.
في الشرق
لنرجع الآن - يا قارئي العزيز - من الغرب إلى الشرق، ولنعد من الخيال إلى الواقع، ومن التصور إلى الثبوت، فأين نحن من السعادة في وطننا العربي الحبيب، وفي بلدتنا السورية الجميلة، وفي قريتنا الأرضية الرائعة، دمشق؟
ليست سعادتنا في مكان ما من هذا البلد، ولكنها في كل مكان، في المسجد والشارع والبيت والنادي والسراي ومجلس النواب. . .
المؤمن والمؤمنة
لا تزال الروح الدينية أساس فلسفة السعادة والوجود في الشرق، والجامع الأموي مثل البيع والكنائس، رمز في دمشق لنوع واسع من السعادة يمثل عقلية الناس عندنا، ويوحد عواطفهم وآمالهم وأحلامهم وهدفهم في الدارين على السواء. إن المؤمن يعشق خالقه الرؤوف الرحيم، ويجد فيه أمل السعادة كأنه يموت غداً. فمنه يطلب الشفاء إذا مرض، وبه يستعيض عن الطب والعلم والقنابل الذرية للقضاء على الأعداء. والمؤمنة ترى أن طفلها يعيش عمره المقدر له حتماً، فلا تكلف نفسها عناء حفظ صحته جسمياً وخلقياً، فما كتب على ابنها لا يتبدل، وهي قادرة على إنجاب ما استطاعت من الأطفال، البنت تنمو سريعاً ومن تلقاء ذاتها، والابن موفور الحظ، تربيه رياض الأزقة والشوارع، وفي كل هذا راحة