للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن الوجدان لا يباع اليوم إلا في سبيل السعادة. والخطأ في هذين

العقدين مؤسف عظيم. وهو خطأ الاعتقاد إن السعادة شيء ثابت جامد، مع إن السعادة عمل نفسر به العيش مادمنا نعيش.

إن سعادة المرأة العربية وسعادة الرجل العربي، ليست كلها في مكان واحد، وزمان واحد، فليست هي الماضي فحسب، ولا الحاضر من غير المستقبل، إنها ليست الحب وحده، ولا الزواج، ولا التجارة، ولا الزراعة، ولا الشارع، ولا المقهى، ولا الصحافة ولا الحكومة ولا الأحزاب. السعادة هي كل ذاك معاً، وفي آن واحد، لي هي تفسيرنا الجيد الصالح لكل ذاك، دونما حصر ولا استثناء. وعندي إن واجب المرأة العربية، مثل واجب الرجل العربي، في الليل والنهار، لا يخرج عن أمر ممكن، غير مستحيل. إنه سبيل سعادتنا: وهو الجرأة على فهم الحياة فهما صحيحاً، ومعرفة تقديم الأهم على الهام، والتضحية في سبيل الصالح الأعم وفوزه على الصالح الفردي والصالح العام. أن هذا كله شرط نجاح العرب من حيث أنهم أمة تامة الجسد والنفس، موحدة الأقطار والقلوب والعقول يقظة في الأقطار وفي القلوب، وفي العقول.

إن السعادة تفسير، والتفسير العربي للسعادة لا نريده أن يكون سحرياً رجعياً غامضاً متقاعساً. عليه أن يضع الأمور مواضعها، ولا يضحي في سبيل الزواج ضرورة التعارف والحب، وفي سبيل الغني الفقراء كافةً، وفي سبيل الربح التجاري شؤون المعرفة والفن والاجتماع. لسنا نقل عن الغربيين والأمريكيين استعداداً طبيعةً ورغائب وحاجات وميولاً، وربما تفوقنا عليهم في كثير، ولكننا نساويهم في القدر والقيمة حتماً، ودوماً، وفي كل حال. وأصل ما يفرق بيننا أنهم يفسرون الحياة تفسيراً يخالف مالا نزال نذهب إليه، لقد تقدم الزمان في السن، ولا يسعنا إلا التبصر في فهم عمر الزمان فنعرف فلسفة الوجود التي توجهنا ونوجهها، معرفة صحيحة تستند إلى العلم والثبات ولكنها تعيش بالمرونة والتطور والذكاء. سعادتنا أن نعيش كأمة صالحة، لا ينقصها شيء، ولا تجمد على شيء، نفسر الإنسان تفسير الحق، فنعرف السعادة، ونسعى إلى بناءها في حديقة الأرض، قبل السماء، والعربي فردي النفس ولكنه اجتماعي العقل واليد واللسان، لم يكن زيل الشعوب فيما مضى، ولن يبقى دون التطلع إلى المجد والحياة منذ الآن، وسيهزم كل عدو ويفوز العرب

<<  <  ج: ص:  >  >>