وكما لا يمكننا أن نتصور مدرسة للمعلمين خالية من العلوم النفسية والتربوية.
ولكن هذه العلوم لا تفيد المعلم إلا إذا عرف كيف يوفق أحكامها وبين الحالات الجزئية التي تعترضه. وما أكثر المعلمين الذين يتفهمون هذه العلوم من الناحية النظرية ويعجزون في الصف عن العمل بها. إن المعلم الذي يجيد هذه العلوم ويعجز عن تطبيقها على الأحوال الفردية يشبه النحلة التي تجهد نفسها في ملء خلية العسل المثقوبة. فهو وفقاً لقواعد علم النفس والتربية التي قرأها في الكتب ولكنه يطبقها في صف خيالي من غير أن يشعر بالمشاكل التي تعترضه في الواقع فكأنه آلة مسجلة تكرر الأمور القديمة بصورة آلية من غير أن توفق بينها وبين الشروط الجديدة.
إن هذا التعليم الآلي لا يهيئ لنا مواطنين صالحين بل يصوغ عقول التلاميذ في قوالب جامدة وخير طريقة لتربية الأحداث تربية صحيحة هي تكييف قواعد علم النفس والتربية بحسب حاجتهم. فإذا أردنا أن نجعل طلاب مدارس المعلمين قادرين على تربية مواطنين صالحين وجب علينا أولاً أن نصلح إعدادهم العلمي. وهذا الإصلاح يقتضي أن تدرس المواد العلمية في مدارس المعلمين من وجهة نظر خاصة تمكن الطلاب من تعليمها في المستقبل كما توجههم إلى الاستفادة منها في التربية الوطنية ففي مسائل علم الحساب مثلاً مجال واسع لذكر بعض المبادئ كفائدة التوفير وضرورة الضرائب وفي درس التاريخ والجغرافية أمثلة كثيرة لإحياء الوعي القومي وإعطاء فكرة واضحة عن الدولة والأمة والوطن وفي قراءة النصوص الأدبية وسيلة أيضاً للبحث في الروابط الاجتماعية وواجبات المواطن وحقوقه. فإن تدريس التربية الوطنية في المدارس الابتدائية لا يمكن أن يقتصر مباشرة على الساعات المحددة في البرنامج بل أن المعلم يستطيع أن يجد في كل مناسبة وفي كل درس منفذاً للتربية والإرشاد والمربي الحق هو الذي يخلق هذه المناسبات ويستفيد منها.
٢_الإعداد الاجتماعي
إن غاية الإعداد الاجتماعي في مدارس المعلمين هي إنماء شخصية الطالب وتهذيب أخلاقه وإذكاء شعوره بالروابط الاجتماعية والمثل العليا الإنسانية وإذا علمنا أن من أهداف المدارس إنماء الوعي القومي وتوليد الشعور بالتعاون والمسؤولية أدركنا ما للأعداد