صيانة استقلالنا وتقدم مجتمعنا الحديث يتوقفان إلى حد بعيد على درجة إيمانهم بالرسالة الملقاة على عاتقهم وهذه الرسالة تتطلب منهم أن يحبوا مهنتهم كما يحبون وطنهم وأن يحبوا تلاميذهم كما يحبون أسرتهم وأن يؤمنوا بالمثل الأعلى الإنساني كما يؤمنون بمبدأ الحرية الفردية وضرورة التعاون الاجتماعي.
وجملة القول يجب أن يرمي التعليم في مدارس المعلمين إلى تحقيق الأغراض الآتية:
١_إحاطة الطلاب بالمواد العلمية التي يجب عليهم تدريسها وحملهم على إكمال ثقافتهم العامة ومتابعة البحث كل أيام حياتهم.
٢_معرفة المبادئ النفسية والحقائق التربوية التي يجب الاستناد إليها في التعليم.
٣_تدريب الطلاب على التدريس في المدارس الابتدائية تحت إشراف الأساتذة.
٤_تعويد الطلاب العمل الشخصي الحر وخلق بيئة معنوية صالحة لتقوية إرادتهم وتهذيب عواطفهم الوطنية والقومية وتوليد حسن المسؤولية والشعور بالروابط الاجتماعية في نفوسهم.
٥_حسن استعمال أوقات الفراغ بالاستمتاع بالموسيقا والتصوير والرياضة والأدب والتمثيل.
وهذه الأغراض كلها مجتمعة في قاعدة واحدة وهي أن نجاح المعلم في تأدية رسالته متوقف على درجة إيمانه بالمثل الأعلى وعلى مقدار اتصافه بالصفات الجسمية والخلقية والفكرية التي يريد نقلها إلى تلاميذه فلا يستطيع أن يعد المواطنين الصالحين إلا إذا كان هو نفسه قبل كل شيء مثالا صالحا يقتدى به.
فإذا رأيت معلما يذكر لتلاميذه في دروس التاريخ بعض الأمثلة التي تصور البطولة القومية والإخلاص للوطن والتضحية في سبيل الواجب وإنكار الذات أو رأيت معلما يوقظ في نفوس تلاميذه حب الآباء والشرف والشجاعة وبغض الكذب والخسة والجبن واحتقار الرذائل والمنافع المادية الضيقة أو رأيت معلما يحبب إلى تلاميذه المجد والطموح ويسمو بهم إلى المثل العليا ويعودهم بذل الجهد في تفهم الحقائق الجديدة ويوفر عليهم عناء الحفظ الآلي والتسرع في الحكم والتقليد الأعمى. فقل أن هذا المعلم قد أدى رسالته.
نعمل إذن في مدارس المعلمين على صقل العقول الصحيحة وتهذيب القلوب الشريفة