للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن هل من الأنصاف أن تعود باللوم والتقصير إلى المدرسة؟ أو ليس البيت يهدم كل مساء ما تبينه المدرسة طوال النهار؟. . . الطفل يقضي في منزله ثلاث ساعات مقابل ساعة واحدة في المدرسة، فكيف تريد ألا يكون أثر البيت في التربية الخلقية شديداً وخاصة إذا كان أثراً سيئاً؟ إنه لنكر شديد أن تهمل أسرة واجبها ولا تمم عمل المدرسة الأخلاقي. ولكن أي نكر أشد وأمعن في الهول من أن تقف الأسرة من المدرسة وقف الخصم فتعلن لها العداء الصراح!

الحق إن الطرفين يشركان في المسؤولية وتحمل التبعة فمن حظالة الرأي وسوء التصرف ألا يعمد المعلم للتعرف على وسط الذي يعيش فيه الطفل ليستقيم عمله في التربية الأخلاقية وتثمر جهوده، وبالمقابل فأن أكثر الآباء لا يساندون المعلمين في مهمتهم وحاجة أولئك الذين يستقبلون أبنائهم مساء بهذه الجملة: المعلم قاصصك؟ حسناً، فأنا أدبر الأمر ثم أولئك الذين لا ينفكون عن نقد المدرسة والمعلمين فيؤلفون مع أبنائهم، بدافع فقدان الثقة، حلفاً للدفاع المشترك ضد المدرسة.

كتب معلم ملاحظة في دفتر تلميذ مشيراً إلى تقصيره. وإهماله لدروسه لكي يطلع عليها وليه. وفي اليوم الثاني عاد الدفتر موقعاً ولكن المعلم عرف خط التلميذ في التوقيع والتلميذ اعترف أيضاً بذلك. ولكن الأب استاء من تأنيب المعلم لابنه وكتب له: إنني احتج على سوء معاملة ابني. . . فما هو بمزور أبداً. . . وأنا بنفسي الذي أمضى له دفتره

وضرر هذه الخصومة بين المدرسة والبيت يكون محدداً إذا كانت المدرسة على ثقة من أن الأسرة هي وسط صالح لتركيز تعاليمها الأخلاقية بأمثلة الحية، فالأسرة هي المكان الذي يستطيع الطفل أن يجد فيه بالمساء إثباتاً وتطبيقاً لما تلقى من النظريات والتعاليم الأخلاقية خلال النهار.

ومما يفسد التعاون بين المدرسة والبيت اختلاف المفاهيم الأخلاقية، فبعض الأسر ترى مثلاً، أن الانتقام فضيلة وأن الصفح ضعف وجبن، فالمفهوم العائلي مرتكز على الضرورات الواقعية والنافع العاجلة والتقاليد المدرسي. فإذا كان المعلمون والآباء لا يشتركون في نفس الأهداف والغايات فمن الطبيعي أن يختلفوا في انتهاج نفس السبل والأساليب. التربية الخلقية بالنسبة للمعلم سلطة ترتكز على العقل، ولكن هل هذه السلطة

<<  <  ج: ص:  >  >>