معاملهم وحاصلات أراضيهم كالأواني الزجاجية والبرونزية والفخارية والقمح والحبوب والخمور. وكانوا يوجهون إليها أيضاً البضائع الشرقية التي كانت تأتي إلى فينيقية عن طريق البحر الأحمر كالذهب والعطور والأفاوية والطواويس وغيرها، ويظهر أنهم كانوا يبادلون كل ذلك في أوغاريت خلال هذا الدور بالخشب ومعدن النحاس والأدوات البرونزية والجياد. وتدل كل الدلائل على أن تجارة الترانزيت هذه ساعات الصناعة المحلية على الازدهار فنشأت فيها معامل للأواني والأدوات البرونزية والفخارية ولصنع الصباغ الأرجواني.
وأخيرا تبين الطبقة الأولى من التل التي تعاصر الزمن الممتد بين القرن الخامس عشر والثاني عشر على أن مدينة أوغاريت ازدهرت ازدهارا عظيما وجعلت تتأخر مع قبرص ومر عليها رخاء لا مثيل له. فكبرت واتسعت وامتدت إلى خارج سوريا القديم وغدت بذلك مدينة مفتوحة. وأكبر الظن أنها لم تعمر إلى أبعد من القرن الثاني عشر. ويظن أن الملك الآشوري (تغلات فالازار) الذي استولى على سورية الشمالية، وبلغ البحر، قد هاجمها وهدمها وقضى على حضارتها. ومنذ ذلك الوقت اختفت من الوجود ولم يعد يرد ذكر لها في التاريخ.
ومما يجدر ملاحظته أن حفريات (شيفر) و (شينه) في رأس شمرة وجهت خاصة لكشف النقاب عن مدينة (أوغاريت) الأخيرة أي التي عاشت بين القرنين الخامس عشر والثاني عشر. فأظهرت فيها شوارع ومنازل ومباني عامة أشهرها معبدان أحدهما للإله (بعل) والثاني للإله (داغون). ويتألف كل منهما من قاعة محصورة مسبوقة بإيوان يطل على باحة، فيها مذبح. وتجمع كل القرائن على أنهما بنيا في زمن واحد مما يجعلنا نعتقد أن أوغاريت كانت تعبد هذين الإلهين معا. هذا ويحاط هذان المعبدان بمنازل وأبنية كثيرة من جميع الجهات مما يدل على أن المدينة كانت واسعة في هذا العصر وأن أهلها كانوا أثرياء مترفين. فمنازلها فسيحة تتألف من باحة في وسطها بئر يقوم إلى جانبها درج، يصعد منه إلى الطابق الأول المعد إلى السكن. وتلحق بهذه المنازل أحيانا مدافن أصحابها التي تتألف من رواق ينتهي بدرج يهبط منه إلى المدفن المسقوف. ويحوي هذا الأخير محرابا توضع فيه جرة ماء أو بئرا يساق إليها الماء بالأنابيب.