هذه المعرفة بالحياة اليومية الحقيقية وأغنت أم لم تتصل ولم تغن. وقد تعددت المدارس الدينية في هذا العهد بتعدد المذاهب وانقسام الناس إلى نحل وطوائف. وظلت التربية، في هذا العصر أيضا، وقفا على السعداء أبناء الطبقات الرفيعة.
ولما بزغت النهضة الصناعية في إنكلترا ونزح العمال من الريف إلى المدن وغصت بهم وبأولادهم الغرف الصغيرة والبيوت المظلمة والأحياء الموبوءة شعر أرباب المعامل بحاجة العمال وأولادهم إلى التعليم، لأن العامل المتعلم القادر على (التوقيع) أقدر على ضبط حسابه وعلى فهم بعض الأمور الفنية في المعمل من العامل الجاهل فأنشأوا لأولاد مدارس تعلمهم مبادئ القراءة والكتابة والحساب (فقط) فكانت نواة التعليم الابتدائي في إنكلترا.
في هذا الدور شرعت الدولة بملاحظة شؤون التعليم - عن كثب - بعد أن كانت تتحاماها من قبل وتعتقد أنها من شؤون رجال الدين وجمعيات البر والإحسان.
ولم يقبل الإنكليز على دراسة قضايا التربية والتعليم في بلادهم بشغف وجد وإقبال إلا بعد الحرب العالمية الأولى حين ظهرت أمتع الكتب والدراسات عن المدارس والمناهج وأهداف التربية والثقافة. لكن الدولة لم تتدخل تدخلا فعليا في سبيل تنظيم شؤون التربية ومختلف الميادين والإشراف على سير المعاهد على أنواعها ودرجاتها، والسهر على توجيه التربية ونشر المعرفة والعناية بعقول المواطنين جميعا وأرواحهم وأجسادهم إلا في أواخر الحرب العالمية الثانية حين صدر التشريع المعروف (بقانون عام ١٩٤٤).
نظر القوم فيما خلفه الماضي في نظامهم التربوي فوجدوا فيه ثلاثة أدواء لابد من معالجتها في الحال. الداء الأول أن المدارس القائمة غير واضحة البدايات والنهايات. فمنها ما أمد الدراسة فيها قصير، ومنها ما أمد الدراسة فيها طويل جداً، وأكثرها لا يفرق بين درجات التعليم ويخلطها بعضها ببعض. فسارعوا إلى تقسيم التعليم (المقرر) إلى ثلاثة أدوار: ابتدائي وثانوي وما بعد الثانوي. وجعلوا بداية التعليم الابتدائي السنة (الثانية) من العمر، وإن كان لا يتحتم ويصبح إجباريا إلا في السنة الخامسة (بعد عهد الحضانة). وفي الحادية عشرة من العمر يغادر التلميذ المدرسة الابتدائية إلى الثانوية حيث يبقى حتما ولزاما حتى يبلغ الخامسة عشرة، وإن كان التعليم الثانوي لا ينتهي إلا في الثامنة عشرة. وأما المرحلة الثالثة فتبدأ بعد سن الثامنة عشرة للطلاب الذين أتموا الدراسة الثانوية. أما الذين غادروا