للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانويات من قبل - أي في الخامسة عشرة - فمرحلة دراستهم الثالثة تبدأ منذ تركهم معاهدهم.

هذا التقسيم في وضوحه من جهة وتداخله من جهة أخرى يبغي معالجة العلة الثانية من النظام القديم ويقوم على فهم جديد للتربية هو زينة النظام الجديد. كان رجال التربية، إلى عهد قريب، يجعلون التعليم الإلزامي خاصا بالمدارس الابتدائية، كان الطالب لا يحتاج بعد عهد الدراسة الابتدائية إلى ثقافة قط، زكان هناك مقدارا معلوما من شراب (العرفان والتربية) ينهله التلميذ في الصفوف الابتدائية ولا يظمأ من بعده أبدا. وقد طرح المربون الإنكليز هذا الرأي وقالوا بأن حاجة المرء إلى الثقافة (أي إلى التربية والتعليم) كحاجة الجسم إلى الغذاء، تبدأ بالولادة وتدوم طول الحياة، يطلبها المرء ما عاش لا يجدها عهد الدراسة الابتدائية ولا الثانوية ولا الدراسة الجامعية. وقسموا الثقافة إلى نوعين: ثقافة (مقررة) منظمة تنشرها المدارس الابتدائية والثانوية والجامعات، وثقافة (غير مقررة) تسهر على نشرها المؤسسات العالية في المدن ومجالس المحافظات والبلديات في القرى والأرياف، وتقوم على المحاضرات والمناظرات الفردية والفنون الجميلة وتغذية العواطف الكريمة وتيسر للناس الاستفادة من المكتبات والمتاحف والمخابر والملاعب والمسابح وكل ما يغري بتنشيط الجسم والعقل والروح.

أما الثقافة (المقررة) فيتلقاها الطلاب الإنكليز إلزاما ومجانا في مدارسهم من الخامسة إلى الخامسة عشرة. ولأولياء الأطفال الخيرة في إرسالهم من قبل ذلك إلى مدارس الحضانة أو حضنهم في بيوتهم والإشراف على تربيتهم الفطيرة. وإذا ما أكمل الطالب الخامسة عشرة واصل الدراسة الثانوية إلى الثامنة عشرة إذا شاء أو ترك الدراسة للعمل وكسب القوت. وفي هذه الحال يجبر الطالب على متابعة الدراسة (المجزأة) يوما كل أسبوع، في مدارس خاصة نهارية أو ليلية أعدت لهذا الغرض إلى أن يبلغ الثامنة عشرة من عمره. ومديره الذي يستخدمه في مكتبه أو معمله أو في مخزنه مجبر على أن يمنحه هذا اليوم في الأسبوع علاوة على العطلة الأسبوعية.

أما الثقافة (غير المقررة) التي يتلقاها الطفل في بيته وفي دور الحضانة قبل دخول المدرسة الابتدائية، أو التي تنفع كل الراشدين الذين تركوا المعاهد وجازوا سن الثامنة

<<  <  ج: ص:  >  >>