عشرة فإن المواطنين عموما مدعوون لاكتسابها دعوة اختيارية لا إجبارية. لكن السلطات الإدارية المحلية والدوائر الحكومية ملزمة بتسيير اكتساب هذه الثقافة الاختيارية لكل إنسان على تنوع ألوانها سواء كانت روحية أم مادية علمية أم عملية، فنية أم رياضية.
هذا الفهم الجديد لأهداف التربية ساق إلى معالجة العلة الثالثة في النظام التربوي القديم. كانت المدارس الإنكليزية على الغالب تعنى بالثقافة النظرية وتهمل الثقافة العملية والصناعية والزراعية وتتجاهل ميول الطلاب المختلفة ومواهبهم المنوعة، وتلبسهم على اختلاف قاماتهم ملابس من الثقافة الموحدة لذلك سارع قانون عام١٩٤٤ إلى إلغاء الثقافة (الجاهزة) في التعليم وتقرير طريقة (التفصيل) التي تراعي اختلاف القدود والاستعدادات والميول.
أما في التعليم فقد أطلقوا يد المعلم في اختيار المنهاج الذي يريده في التعليم والذي يراعي حاجات طلابه وبيئتهم والظروف العارضة المحيطة بالمدرسة. وأما في التعليم الثانوي فقسموا المعاهد إلى معاهد (أدبية) يوجه إليها الطلاب المهرة بالصناعات العملية، ومعاهد (عصرية) يوجه إليها باقي الطلاب - وهم الكثرة - الذين لم تستبن بعد ميولهم. وهذه الثانويات (العصرية) أشبه شيء بثانوياتنا في سورية (ولاسيما في الحلقة المتوسطة).
أما الثقافة (غير المقررة) فتتنوع مؤسساتها وحلقاتها ونواديها وجمعياتها تنوعا يشمل كل فاعليات المجتمع الإنكليزي ونشاطه الفكري والروحي والعلمي والفني والرياضي. فترى في بعض المراكز مثلاً دائرة زراعة القرنبيط، ودائرة تنوير الراشدين إلى جانب ناد يعنى بتربية البط وصيد الحمام أو لعب الكولف.
وقد عرف واضعو قانون عام١٩٤٤ أن قانونهم كنز ثمين مفتاحه (المعلم).
لذلك عنوا عناية شديدة بتخريج المعلمين القادرين على تحقيق أهداف التربية الحديثة وقد رأوا أن الحاجة تدعوهم إلى الإكثار من دور المعلمين الابتدائية (المستقلة) لتخريج العدد الهائل من المعلمين الذين يفتقرون إليهم لتنفيذ هذا القانون على أن ينظر في أقرب وقت في أمر إلحاق هذه الدور بالجامعات لرفع مستواها الثقافي وتمكين معلمي المستقبل من الاستفادة من خبرة أساتذة الجامعات القديرين. وإذ أن عمل المعلمين في المستقبل لن يقتصر على تعليم القراءة والكتابة والحساب، بل على توجيه مختلف الفاعليات والمواهب