هذه هي كلمات الفيلسوف الفلكي كميل فلاماريون. غير أن العلوم الحديثة قد تكهنت، دون أن تقوم بخرق جوف الأرض، ببنيتها وماهيتها، وعلى كل لا تتألف أمعاء الكرة الأرضية من مواد سائلة متأججة، لأنه لو صح ذلك لكونت قوة الجذب القمرية والشمسية الهائلة، كما لاحظنا، مدوداً وجذوراً داخلية عظيمة تكفي لتحطيم القشرة الأرضية وهي سريعة العطب، وبعثرتها شذرمذر في عاصفة شديدة عامة. وحقيقي أيضاً أن الكرة الأرضية برمتها قاسية صلبة، وتزداد هذه القساوة كلما ازداد العمق شيئا فشيئا من السطح نحو مركز الأرض.
وتفكر العلوم الحديثة من جهة بأن الكرة التي تسير بنا إلى غياهب السموات اللانهائية تتكون من أربعة كرات أخرى متحدة المركز تضم الواحدة الأخرى، فالكرة المركزية هي نواة من الحديد والنيكل تفوق قساوتها خمس مرات قساوة الفولاذ وذلك على أثر الضغط الهائل الذي تقوم به الطبقات العليا. وتقوم فوق هذه النواة كرة يبلغ سمكها ١٤٠٠ كيلومتراً وهي أخف من الكرة التي تحضنها. وتتبع ذلك كرة سمكها ١٥٠٠ كيلومتراً تتألف على الأغلب من السيليكات، وترقد عليها كرة ثالثة يقدر عمقها بأربعين كيلومتراً تقريبا من الأحجار البازلتية اللزجة التي تشبه العجين وتغذي الحوادث البركانية. ويقوم في النهاية على الجميع غطاء رابع ارتفاعه عشرين كيلومتراً نصب عليه الإنسان خيمته، فطورا يتقهقر وطورا يتغلب على المصاعب التي تقوم بين ضآلة جسمه والتصدع الهائل الذي تقوم به الطبيعة الجبارة.