للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في برامجنا وتعميمه شيئاً فشيئاً في مدارسنا. أجل! قد يكون ذلك واقعاً، لكن هذا لا يمنع من أن نبدأ والبداية معناها إدراك النهاية.

وقد ذكر خطاب فخامة الرئيس الأول في خطبة في عيد الجلاء وفي مناسبات أخرى كثيرة: إن الاستقلال الذي انتزعناه بدمائنا يجب أن نحافظ عليه.

وليس من واجبنا أن نحافظ على استقلالنا فحسب بل علينا أن نوطده ونوسعه ولكي نبلغ ما نريد علينا أن نبحث عن الطرق التي تؤدي بنا إلى المحافظة على الاستقلال وتوطيده وتوسيعه. وإذا كنا نريد حقاً وصدقاً المحافظة على هذا الاستقلال كمحافظتنا على حدقة عيوننا، علينا إتباع السبل التي تزدهر بها اقتصادياتنا من صناعة وزراعة إذ لا سبيل إلى استقلال سياسي مكين إذ لم يؤيده الاستقلال الاقتصادي. وأوضاعنا الاقتصادية الحاضرة لا تسر، ولتدارك ذلك علينا أن نخلق في البلاد نهضة اقتصادية من زراعة وصناعة، ولتهيئة أسباب هذه النهضة علينا أن نعرف مقدار مواردنا الطبيعية. وقد أكد الباحثون والمنقبون أن بلادنا غنية تجري من تحتها أنهار البترول كما ظهر ذلك في بيروت واللاذقية، وباطن أديمنا مثقل بشتى المعادن والخيرات يترقب من يخرج أثقاله وأحماله بفن أحذق ما أوحى إليه. . . وسهولنا وفيافينا شاسعة تكفي عشرات الملايين من الخلائق إذا استثمرت فنياً. فلا ينقصنا إذاً إلا المتخصصون وقد يمكن استخدام المتخصصين من الأجانب ريثما يتخرج طلابنا من معاهدنا الفنية التي يجب أن نبدأ بتأسيسها فوراً كما ذكرت آنفاً. ولكي نمهد السبيل للتعليم الفني علينا تغيير برامجنا الحالية على الأقل رويداً رويداً إذا كنا نخشى الطفرة. . .

إن من يطوف في حقولنا الفسيحة المنبتة الجرداء يسمع نداء يدوي: اعملوا، أنتجوا وهل بإمكاننا أن نعمل وننتج بدون جيش من العمال الفنيين والزراع والمهندسين. . . يسعى بعض الرأسماليين عندنا إلى تأليف شركات صناعية استثمارية ولا بأس في هذا المسعى فهو تطور طبيعي لمجتمع اقتصادي كمجتمعنا تفككت أوصال إقطاعيته الزراعية ليتدرج نحو مجتمع صناعي رأسمالي. فعلى الحكومة أن تساعد الرأسمال الوطني وتهيأ له الأخصائيين واليد العاملة الحاذقة، ولا يتهيأ ذلك بإتقان وانتظام إلا بتدريب آلاف الطلاب في معامل المدرسة المصغرة. . .

<<  <  ج: ص:  >  >>