تضم المدرسة السورية ما يزيد على ١٥٠٠٠٠ طالب وطالبة.
إن هذا العدد يتخرج من المدارس الابتدائية دون أن كون لديه أقل إلمام عملي بمبادئ الصناعات وإن من سعفه حظه الغني ويكمل تحصيله الثانوي، يغرق في النظريات والأبحاث العقيمة التي تضعف الجسم ولا تنمي الملكات والنماء الكافي المطلوب. . . إن مرحلة انتقال الطلاب من الجو المدرسي إلى الحياة العملية هي أدق المراحل وأهمها بالنسبة إلى مستقبل الشبيبة، ولكن مدارسنا مع الأسف لا تزودهم بأي سلاح بسيط يدفعون به عن أنفسهم طاعون البطالة وحمى الفاقة.
إن مجتمعنا السوري كأي مجتمع آخر في عصرنا هذا يجابه معضلة اقتصادية اجتماعية عليه أن يذللها ويحللها بشكل يتفق ومصلحة المجتمع ويصون في الوقت نفسه كرامة الفرد. ومن هنا تبدو الصلة الوثيقة بين الفكر والعمل كشيء أساسي لدوام تقدم المجتمع. فالتعليم النظري والعملي صنوان متلازمتان. ومن الخطأ فصلهما عن بعضهما فالأمل يهدف الثقافة النظرية والثاني يؤدي إلى العمل اليدوي، فالاثنان واحد في الحقيقة، لأنهما يجتمعان في الإنسان ولا يمكن أن نفصل عمل الإنسان عن فكرته، والفصل في حالة كهذه تشويه للحياة نفسها. . .
إن التقدم الحقيقي لا يتم باستيعاب الحكمة النظرية من شعر وأدب وفلسفة، بل يحتاج هذا التقدم اليوم إلى دعائم قوية من الكيمياء والفيزياء والميكانيك أي يحتاج إلى حشد واستثمار قوى البلاد الفكرية والمادية. . .
إن البلاد التي سبقتنا صناعياً ترى نفسها مضطرة لتغيير أساليب الإنتاج وتحويله من إنتاج يستهدف نفع أفراد معينين إلى إنتاج يبغي النفع العام. فما بالك ونحن لا نزال في المؤخرة مما يدعونا إلى الإسراع لنجاري الأمم المستقلة التي نتبوأ وإياها كراسي مجلس الأمة. . .
إن ذلك لا يتم ولا يمكن أن يتم إلا بالمدرسة، بالمدرسة التي تتعهد المواهب والكفاءات منذ الحداثة وتحمي هذه المواهب وتلك الكفاءات من طغيان التراخي والتواكل والجمود، وتبشراً أولاً وآخر بالثقافة العلمية النيرة الواضحة المفيدة، الثقافة التي تحرر الإنسان من العوز والعبودية وتجعله يشعر شعوراً عميقاً راسخاً بأن حاضره ومستقبله يرتكزان على أسس من السعادة الاجتماعية المضمونة وأنه عامل من العوامل الرئيسية التي ترص المجتمع وتزيد