جداً أن تفضي المبارزة بالسيف إلى الموت، إذ تمنع اليقظة والاحتياط المتبارزين الدنو من بعضهما لدرجة تتمكن معها ذبالة السيف من احتراق الجسم والغرض فيه. أما بالمسدس فيخاطر الإنسان بحياته بشكل جدي، ولكنه يستطيع، مع ذلك، أن ينهي قضيته، عن بعد، بشرف، دون الوصول إلى صدام.
ثم قال:
_ يجب أن أكون ثابت الجنان، عندئذ، حتما، يخاف.
ولكن نغمة صوته جعلته ينتفض مندهشا، وينظر إلى ما حوله. وشعر بنفسه أنه أصبح شديد الحساسية، فتناول قدحا آخر من الماء وشربه دفعة واحدة.
ثم بدأ ينزع ثيابه ويرتدي ثياب النوم.
ولم يكد يستلقي على سريره حتى أطفأ النور، وأغمض عينيه. . . وهو يقول في نفسه:
_ لدي يوم الغد بطوله كي أهتم بإنهاء هذه القضية. فلأنم الآن لأستيقظ غدا هادئ النفس.
شعر بحرارة شديدة في السرير، ولم يستطع النوم، فأخذ يتقلب على الفراش: يستلقي على ظهره، وبعد برهة وجيزة، ينقلب إلى جنبه الأيمن تارة ثم إلى جنبه الأيسر تارة أخرى.
إنه لا يزال يشعر بالعطش. نهض ليشرب ولما أصبح خارج السرير استولت عليه فكرة جديدة:
_ هل سأكون عرضة للخوف؟
لماذا أخذ قلبه يضرب بشدة لكل حركة مأنوسة في غرفته؟ إذ عندما توشك ساعة الجدار أن تدق، يرعبه صوت صرير النابض الذي يشتد ليحك المطرقة، ويضطر بعدها أن يفتح فمه ليستطيع التنفس مدة من الزمن ما دام يشعر بضيق في صدره من شدة الخوف والاضطراب.
وأخذ يناقش نفسه بنفسه عن الإمكانيات التي تجرها مثل هذه الحالة:
هل سيستولي علي الخوف؟
كلا بالتأكيد، سوف لا يستولي علي الخوف، ما دام قد قرر لأن يذهب في هذه القضية إلى نهايتها، وما دام يملك هذه الإرادة الجازمة في أن يبارز، وأن لا يضطرب. ولكنه، مع ذلك، كان يشعر بالاضطراب في قرارة نفسه، حتى أنه تساءل.