_ عشرون خطوة. وعند الإيعاز يرفع السلاح بدل خفضه. تبادل إطلاق النار حتى يجرح أحدنا جرحا خطيرا.
فأعلن الضابط بصوت بهيج راض:
_ إنها شروط عظيمة. ولما كنت تجيد إطلاق النار، فجميع الظروف في جانبك.
ثم ودعاه، وذهبا، وعاد الفيكونت إلى منزله لينتظرهما. وأخذ اضطرابه، الذي هدأ نوعا مدة من الزمان، يشتد الآن من وقت لآخر، حتى أصبح يشعر بارتجاف واهتزاز متواصلين يكتسحان كيانه بكامله، فصعب عليه البقاء والجلوس أو الوقوف في مكان واحد. وأصبح لا يوجد في فمه أي أثر للعاب، وصار لا يستطيع تحريك لسانه في فمه إلا بشدة يخرج بعدها صوت ناشف فمن يريد أن يقتلعه من قبة الحنك.
أراد أن يفطر، فلم يستطع الأكل، ففكر في أن يشرب، لعل الشراب يعطيه شيئا من الجرأة، فأحضر زجاجة من الروم، ابتلع منها قدحا بعد قدح:
ستة أقداح صغيرة.
فشعر بحرارة محرقة تبعتها نشوة روحية. فقال في نفسه:
_ وجدت الآن الوسيلة. لقد سار كل شيء على ما يرام.
ولكن بعد ساعة كان قد أفرغ جميع ما في الزجاجة في جوفه، دون أن يصل إلى تخفيف اضطرابه وقلقة، فشعر برغبة جنونية في أن يمرغ نفسه على الأرض. . في أن يصرخ. . ويعض. وأخيرا بدأ يرخي سدوله على المدينة.
قرع الجرس، فأجفل واضطرب ولم يتمكن من النهوض لاستقبال شاهديه.
لم يجرؤ حتى على مخاطبتهم، ولا على القول لهم سعد نهاركم، وكذلك لم يجرؤ على أن يفتح فمه ولو بكلمة واحدة، خوفا من أن يلحظ أن شيئا قد تغير في نبرات صوته.
قال له الضابط:
_ لقد هيأنا كل شيء، حسب الشروط التي عينتها. لقد طلب خصمك، في أول الأمر، أن تكون له امتيازات المهان، ولكنه عدل حالا عن طلبه، ورضي بكل شروطك. وقد عين