_ نأسف على أننا لا نعمل إلا الدخول إلى منزلك والخروج منه، ولكن لا يزال علينا أن ننهي كثيراً من المهام. يجب أن نهيئ طبيبا ماهرا، ما دامت المبارزة لا تنتهي إلا بجرح خطير، وأنت تعلم أن الرصاص لا مزاح معه. وكذلك يجب أن نعين مكانا قريبا من أحد المنازل لكي ينقل إليه الجريح بالسرعة التي تدعو إليها الضرورة. . الخ. ولذا فلا نزال بحاجة إلى ساعتين من الزمان لإنهاء أعمالنا. .
فأعاد الفيكونت مرة ثانية:
_ شكراً.
فسأله الضابط:
_ هل تتمتع بصحة جيدة؟ وهل تشعر بهدوء وراحة؟
_ أجل أشعر بهدوء تام. شكراً.
وانسحب الرجلان.
وعندما رأى نفسه قد أصبح وحيداً مرة أخرى تراءى له أنه صار مجنوناً. وبعد أن أضاء له خادمه النور جلس خلف مكتبه ليكتب بعض الرسائل. تناول القلم وخط فوق صفحة من القرطاس: هذه هي وصيتي. ثم انتفض فجأة ونهض مطرباً وابتعد عن المكتب، وقد شعر بنفسه أنه عاجز حتى عن التوحيد بين فكرتين أو اتخاذ قرار ما أو تقرير أي شيء من الأشياء.
إذاً لقد تحقق الأمر ولسوف يذهب حتماً إلى المبارزة! إنه لم يتمكن من تفادي هذا الأمر. . . ماذا جرى له؟ كان يريد أن يبارز ولكن إرادته هذه قد توقفت تماماً الآن، وأصبح يشعر شعوراً واضحاً_رغم كل مجهود فكري، وكل إرادة قوية - بأنه سوف لا يستطيع المحافظة حتى على قواه الضرورية التي تساعده على الوصول إلى مكان المبارزة. . . أخذ يجهد أفكاره ليتخيل المبارزة ويتخيل وضعه ووضع خصمه.