للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأخذت أسنانه تصطك في فمه من وقت لآخر. . . أراد أن يقرأ شيئاً يتعلق بالمبارزة فتناول كتاب: قانون المبارزة لمؤلفه شاتوقيار. ثم تساءل:

_ هل كان خصمي يرتاد أماكن الرمي بالرصاص؟ وهل حاز على درجات فيها؟ كيف أستطيع معرفة ذلك؟

فتذكر كتاب البارون دوفو على أبطال الرمي بالمسدس فتصفحه من أوله إلى آخره. جورج لاميل لم يجد هذا الاسم بين أسماء الأبطال المسجلين في الكتاب. ولكن بالرغم من هذا إذا لم يكن الرجل من أبطال الرمي بالمسدس لما قبل بهذه السرعة المبارزة بهذا السلاح الخطر وبشروطي القاتلة!!

ثم فتح وهو يسير في الغرفة عليه مسجلاً عليها اسم محل غاستين رونيت كانت موضوعة فوق منضدة صغيرة إلى جانب مكتبه، وتناول منها أحد المسدسين الموجودين فيها، وأخذ وضع من يريد أن يطلق النار ورفع يده بالمسدس ولكنه كان يرتجف من قمة رأسه حتى أخمص قدميه وكانت فوهة المسدس تهتز وتضطرب بيده المرتجفة. عندئذ قال في نفسه:

_ مستحيل. لا أستطيع المبارزة وأنا على هذه الحالة من الاضطراب.

ثم أدار المسدس نحو وجهه وأخذ ينظر في فوهته، ينظر إلى هذا الثقب الصغير الأسود العميق، الذي يبصق منه الموت، وأخذ يفكر كيف سيلطخ اسمه بالعار وكيف ستلوك سمعته الألسنة في النوادي، وكيف سيقابل في ضحكات الهزء والسخرية في (الصالونات) وكيف ستحقره النساء وستعرض به الصحف وكيف سيقذف الجبناء في وجهه بالشتائم والسب.

إنه لا يزال ينظر إلى المسدس، ثم رفع الزناد فرأى تحته كبسولة حمراء تلمع كأنها شعلة صغيرة من نار. فالمسدس إذاً محشو، صدفة أو نسياناً، فشعر لهذا بفرح مبهم غامض.

إذ لم يقف أمام خصمه الموقف النبيل الهادئ الذي يجب أن يقف عليه، يكون قد أضاع نفسه إلى الأبد، يكون قد لطخ اسمه ووسم نفسه بميسم العار، ويطرد بعدها من المحيط الذي يعيش فيه! لكنه بالتأكيد لا يستطيع الوقوف بهذا الموقف الهادئ العنيد، إنه يعلم ذلك ويشعر به منذ الآن. ومع ذلك فقد كان شجاعاً، ما دام. . . ولكن الفكرة التي خطرت له لم تتم في ذهنه، إذ فتح فمه إلى أقصى حد يستطيعه وأدخل فيه فجأة فوهة المسدس حتى وصلت إلى حنجرته ثم ضغط على الزناد. . .

<<  <  ج: ص:  >  >>