البلاد، والعالم أجمع بتجارب قاسية نضج فيها الوعي واتسعت الصدور وانفسحت رحاب التفكير عند الرعية والرعاة.
بالأمس تكرم فخامة الرئيس الأول فافتتح نادي المحامين الذي ضم شمل رجال القانون على اختلاف ألوانهم الحزبية ومنازعهم السياسية، ثم تبرعت لهم الدولة بأرض تشاد عليها بناية للنادي. وبالأمس أيضاً تفضل جلالة الملك فاروق فافتتح في القاهرة نادياً فخماً ضخماً للمعلمين باحتفال فخم ضخم مهيب، ساق فيه وزير المعارف كلمات حلوة مشجعة أنصف فيها فئة المعلمين والفئة الكادحة المغبونة الراحمة المظلومة.
ومنذ زمن بعيد نجد أندية المعلمين منتشرة في العراق لا تقتصر على العاصمة بغداد، بل يقوم للمعلمين ناد في كل مركز من مراكز الألوية والأقاليم.
إن إنشاء نادي للمعلمين تدعو إليه حاجات ملحة وتقتضيه ضرورة قاهرة: مادية وأدبية ومسلكية وثقافية واجتماعية وترفيهية أيضاً.
فالنادي ضرورة مادية لأن كل فئة أو جماعة من الناس لا تستطيع أن تصل إلى حقها المادي ما لم تفرض وجودها واحترامها على الناس عن طريق اتحادها وتضامنها، وتلك سنة طبيعية تسير عليها نواميس الحياة، ونرى لها شواهد كل يوم في منطق الحوادث وواقع الأمور.
والنادي ضرورة أدبية لأنه من غير الجائز ألا تحتل أسرة التعليم مكانتها الأدبية في المجتمع، وهي خير أسرة تجمع بين أفرادها وحدة الثقافة ووحدة الغاية وهذا العمل الشاق الخطير النبيل. وإنها لظاهرة تدعو إلى الفخر والألم معاً ذلك أن غالبية الأندية الثقافية والاجتماعية والرياضية وحتى بعض السياسية، يساهم في توجيهها والإشراف عليها والعمل فيها نفر من أسرة التعليم فمن الحق والمنطق أن يتجمع هذا الجهد ويتركز هذا النشاط في نادي المعلمين المنتظر.
والنادي ضرورة مسلكية: إذ من البداهة أن اجتماع أبناء السلك الواحد في نادي واحد، مما يعود بالنفع على السلك نفسه، فيتداول الملمون مشاكل المهنة ويتذاكرون في طرق معالجتها. ثم إن مكتبة النادي تؤمن لهم الإطلاع على أحسن كتب التربية الحديثة وأرقى لمجالات المسلكية عدا عن المحاضرات وعقد المؤتمرات التربوية.