للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصل سفور سطح الرأس في صيف آب ورياح آذار وتقلبات شهر شباط!. . .

غير أن نظرة اتفاقية إلى سكان مدننا وسواحلنا تطلعك على عجب من التفاوت والاختلاف، فتجد النماذج كونية تترى، فيها اللباس الأوروبي الناقص، وفيها الثوب المختلط الغريب، وفيها الزي البالي القديم.

وعن كل هذا تجد بعضنا راضيا عن بعض من التجديد، وهو من أنصارالحرية التامة في الذوق، وتجد بعضنا الآخر غير راض عن أي شيء من هذا التبديل،

وهو من أعداء الحرية، أي حرية كانت، إن كانت الحرية هي غير التقليد القديم.

الأسرة

ثم تصل الأسرة فتسمع - أو ترى - فتاة ترغب في زوج تتمنى أن تختاره قبل أن تزف إليه، وتعمل قليلا أو أقل من القليل في سبيل التفاهم قبلا وإياه، وهذه هي المتحررة التامة الوثابة، أو إنك تحدّث عن أخرى قانعة بالنصيب، يساوم على ثمنه وثمنها واضعو المهر المهرة الحاذقون، فإذا تمت الصفقة تم العقد، واقترب الفؤادان، وما أكبر التفاوت الذوقي بينهما أحيانا، وأشد التفاوت في العمر أحيانا أخرى، فتنجب ورود الحياة الدنيا، وتتحقق سعادة القناعة بالعادة، وهذا حال الفتاة غير المتحررة في قول المتحررين، ترضى من القلادة بأي قلادة، ومن الزواج بأي زوج، ومن الروّاد بأول - بل بأغنى - طارق ليل، وإنك لتحار حتما - أو تحار مثلي على الأقل - في تفضيل أحد الحلين، هل ترى أنك تفضل مذهب المتحررين، أم تنصر أنصار التقاليد؟ وفي الأمرين إنك تؤمن - على عكس مني - بالحرية التامة للإنسان في خلق الأسرة، وتصورها، وبنائها، وإحكامها، وتريد أن يكون الذوق هو القاضي العدل، والحاكم الوحيد.

تقر صعوبة اختيار الإنسان لوالديه قبل ولادته، ونتمنى أن يعوّض عن المستحيل بالممكن، فيعمل على انتخاب شريكته في الحياة، ولكن ذوقك في الإيمان بالحرية هو غير حريتك في تحقيق هذا الذوق الممتاز الرائع السليم، وهذا ما تتبينه إذا صحبتي حتى نهاية هذا المقال.

المجتمع

وإذا شاء لك القدر وصلت إلى معرفة الحياة الاجتماعية وإلى فهمها، ولكنك حين تعرف الحياة الاجتماعية وتفهمها الفهم العلمي الصحيح تحسب القدر يحتم عليك أن تكون حرا في

<<  <  ج: ص:  >  >>