للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لو أمكنه لقال شكوى الذي وجد فيكون المعنى ثقل هواك عليّ ثقل روادفك على المطية إلا أنه اتبع التأنيث ليصح الوزن ويعذب الكلام ولنه أراد أن يتبعه قوله ويغيرني جذب الزمام البيت والتي في قوله شكوى التي يعني مطية وجدت هواها دخيلا وبنى البيتين على أن المطية من شكواها روادفها وقلبها فمها إليها في أوصاف المحب العاشق هذا الذي ذكرت هو ما قيل في تفسير هذا البيت وأحسن من هذا أن يقال شكوى النفس التي وجدت هواك دخيلا يعني العاشق لها ثم يجوز أن يعني نفسه أو نفس عاشق سواه والروادف الكفل وما حوله جمع رادفة لأنها تردف الإنسان أي تكون خلفه كالرديف الذي يكون خلف الراكب

[ويغيرني جذب الزمام لقلبها ... فمها إليك كطالب تقبيلا]

يقول يحملني على الغيرة جذبك زمامها إليك تقلب فمها إليك كأنها تطلب قبلة كما قال مسلم، والعيس عاطفة الرؤوس كأنما، يطلبن سر محدث في الأحلس،

[حدق الحسان من الغواني هجن لي ... يوم الفراق صبابة وغليلا]

[حدق يذم من القواتل غيرها ... بدر بن عمار بن إسماعيلا]

يذم يجير ويعطى الذمام يقول يجير بدر من كل ما يقتل سوى هذه الأحداق أي أنه لا يقدر على الأجازة منها كما قال، وقي الأمير هوى العيون فإنه، ما لا يزول ببأسه وسخائه، فأما قوله، فلو طرحت قلوب العشق فيها، لما خافت من الحدق الحسان، فقد أثبت في هذا ما استثني في مدح بدر

[الفارج الكرب العظام بمثلها ... والتارك الملك العزيز ذليلا]

يقال فرج عنه يفرج وأفرج وفرج تفريجا أي كشف الغم عنه يغني أنه يفرج الكرب عن اوليائه بمثل ما ينزله بأعدائه يعني أنه يقتل الأعداء ليدفعهم عن اوليائه ويفقرهم ليغني اولياءه فيزيل عنهم الفقر

[محك إذا مطل الغريم بدينه ... جعل الحسام بما أراد كفيلا]

المحك اللجوج وسمع الأصمعي أعرابية ترقص ابنها وهي تقول، إذا الخصوم اجتمعت جثيا، وجتد ألوي محكا أبيا، يقول يلج فيما يطلب ولا يتوانى فإذا مطل الغريم ولم يقص دينه طالب سيفه بذلك مطالبة الكفيل يعني أنه يقتضي الدين بالسيف وإذا كان السيف متقضيا صار الغريم قاضيا

[نطق إذا حط الكلام لثامه ... أعطى بمنطقة القلوب عقولا]

النطق الجيد الكلام ومثله المنطيق وكانت العرب تتلثم بعمائمها فإذا أرادوا أن يتكلموا كشفوا اللثام عن افواههم يقول إذا وضع الكلام لثامه عن فمه عند النطق افاد منطقة قلوب السامعين عقولا يعني أنه يتكلم بالحكمة وبما يستفاد منه العقل

[أعدى الزمان سخاؤه فسخا به ... ولقد يكون به الزمان بخيلا]

قال ابن جنى أي تعلم الزمان من سخائه وسخا به وأخرجه من العدم إلى الوجود ولولا سخاؤه الذي افاد منه لبخل به على أهل الدنيا واستبقاه لنفسه قال ابن فورجة هذا تأويل فاسد وعرض بعيد وسخاء غير موجود لا يوصف بالعدوى وإنما يعني سخا به عليّ وكان بخيلا به فلما اعداه سخاؤه اسغدني الزمان بضمي إليه وهدايتي نحوه هذا كلامه والمصراع الأول منقول من قول ابن الخياط، لمست بكفي كفه أبتغي الغنى، ولم أدر أن الجود من كفه يعدى، فلا أنا منه ما أفاد ذوو الغنى، أفدت وأعادني فأتلفت ما عندي، وقال الطاءي أيضا، علمني جودك السماح فما، أبقيت شيئا لدي من صلتك، وقال أيضا، لست يحيى مصافحا بسلام، أنني أن فعلت أتلفت مالي، وأبو الطيب نقل المعنى إلى الزمان والمصراع الثاني من قول أبي تمام، هيهات لا يأتي الزمان بمثله، إن الزمان بمثله لبخيل،

[وكأن برقا في متون غمامة ... هندية في كفه مسلولا]

هذا يسمى العكس لأن السيف يشبه البرق وهو شبه البرق بالسيف

[ومحل قائمه يسيل مواهبا ... لو كن سيلا ما وجدن مسيلا]

[رقت مضاربه فهن كأنما ... بيدين من عشق الرقاب نحولا]

أراد أن سيوفه تلازم الرقاب فوصفها بالعشق لأنه ادعى الأشياء إلى اللزوم والدقة

[أمعفر الليث الهزبر بسوطه ... لمن أدخرت الصارم المصقولا]

إنما قال هذا لأنه هاج أسدا عن بقرة قد افترسها فوثب على كفل فرسه أعجله عن سل السيف فضربه بسوطه ودار الجيش به فقتله

وقعت على الأردن منه بلية ... نضدت بها هام الرفاق تلولا

<<  <   >  >>