تسير الإبل بنا وهي بيض المشافر باللغام وقال أبن جنى لأنها لا تترك ترعى لشدة السير خضر الفراسن لأنها تسير في هذين النبتين والفرسن لحم خف البعير
[مكعومة بسياط القوم نضربها ... عن منبت العشب نبغي منبت الكرم]
يقول السياط تمنعها المرعى فكأنها قد شدت أفواهها وهو من قول ذي الرمة، يهماء خابطها بالخوف مكعوم، أي لا يتكلم فيها خوفا فكان الخوف قد كعم فمه والبيت من قول الأسدي، إليك أمير المؤمنين رحلتها، من الطلح تبغى منبت الزرجون،
[وأين منبته من بعد منبته ... أبي شجاع قريع العرب والعجم]
يقول أين منبت الكرم بعد موت هذا الرجل الذي كان منبت الكرم وكان سيد العرب والعجم
[لا فاتك آخر في مصر نقصده ... ولا له خلف في الناس كلهم]
يقول ليس لنا رجل آخر في وجوده فنقصده لأنه لم يخلف بعده مثله
[من لا تشابهه الأحياء في شيم ... أمسى تشابهه الأموات في الرمم]
أي من لم يكن له شبيه من الأحياء في شيمه وأخلاقه صار الأموات يشابهونه في العظام البالية أي مات فاشبه الأموات واشتبهوه
[عدمته وكأني سرت أطلبه ... فما تريدني الدنيا على العدم]
أي لكثرة أسفاري وترددي في الدنيا كأني أطلب له نظيرا ولا أحصل إلا على العدم
[مازلت أضحك إبلي كلما نظرت ... إلى من اختضبت أخفافها بدم]
يقول مازلت اسافر عليها إلى من لا يستحق القصد إليه فلو كانت الإبل مما يضحك لضحكت إذا نظرت إلى من قصدته استخفافا به وفي الكلام محذوف به يتم المعنى إلى من أختضبت أخفافها بدم في قصده أو في المسير إليه
[أسيرها بين أصنام أشاهدها ... ولا أشاهد فيها عفة الصنم]
يقال أسار دابته إذا سيرها ومن روى أسيرها أراد أسير عليها فحذف حرف الصلة وعنى بالأصنام قوما يطاعون ويعظمون وهم كالجماد والموت لا اهتزاز فيهم للكرم ولا أريحية للجود ثم فضل الصنم عليهم فقال ليست لهم عفة الصنم لأن الصنم وإن لم ينفع فهو غير موصوف بالفضائح والقبائح وهؤلاء لا يعفون عن محرم ولا عن قبيح
[حتى رجعت وأقلامي قوائل لي ... المجد للسيف ليس المجد للقلم]
أي حتى عدت إلى وطني وقد علمت أن المجد يدرك بالسيف لا بالقلم لأن العالم غير معظم ولا مهيب هيبة صاحب السيف ولا يدرك من أمور المجد والشرف ما يدركه ولهذا قيل لا مجد أسرع من مجد السيف
[أكتب بنا أبدا بعد الكتاب به ... فإنما نحن للأسياف كالخدم]
هذا من حكاية قول القلم أي قالت لي الأقلام أخرج على الناس بالسيف واقتلهم ثم اكتب بنا الفتوح وما تقول من الشعر فيهم فإن القلم كالخادم للسيف وهذا من قول البحتري، تعنو له وزراء الملك خاضعة، وعادة السيف أن يستخدم القلما، وجعل الضرب بالسيف كالكتاب به وهو مصدر كالكتابة
[أسمعتني ودوائي ما أشرت به ... فإن غفلت فدائي قلة الفهم]
هذا جواب للأقلام يقول لما أسمعتني قولك ودوائي إشارتك علي بالصواب فإن تركت إشارتك ولم أفهمها صار ذلك دائي ثم أكد ما أشارت به عليه الأقلام من استعمال السيف فقال
[من اقتضى بسوى الهندي حاجته ... أجاب كل سؤال عن هل بلم]
يقول من طلب حاجته بغير السيف أجاب سائله عن قوله هل أدركت حاجتك لم أدرك قال القاضي أبو الحسن أبن عبد العزيز كان الواجب أن يقول عن هل بلا لأن الطالب بغير السيف يقول هل تتبرع لي بهذا المال فيقول المؤول لا فأقام لم مقام لا لأنهما حرفان للنفي وهذا ظلم منه للمتنبي وقلة فهم من القاضي ول أراد ذلك الذي ظنه لقال أجيب عن كل سؤال بهل بلا لأنه المقتضي فيجاب وليس هو المجيب والذي أراد أبو الطيب أن الناس سألونه هل أدركت هل وصلت إلى بغيتك فيجيب ويقول في الجواب لم أدرك ولم أبلغ لم أظفر ولم أصل
[توهم القوم أن العجز قربنا ... وفي التقرب ما يدعو إلى التهم]
يقول القوم الذين قصدناهم بالمديح توهموا أن العجز عن طلب الرزق قربنا ثم قال وقد يدعو إلى التهمة التقرب لأنك إذا تقربت إلى إنسان توهمك عاجزا محتاجا إليه
[ولم تزل قلة الإنصاف قاطعة ... بين الرجال وإن كانوا ذوي رحم]
ترك الإنصاف داعية للقطيعة بين الناس وإن كانوا أقارب وهذا من قول الآخر، إذا أنت لم تنصف أخاك وجدته، على طرف الهجران إن كان يعقل