هنيأ لضرب الهام والمجد والعلى ... وراجيك والإسلام أنك سالمُ
يهنىء هذه الأشياء بسلامته لأنه قوامها
ولام لا يقي الرحمن حديك ما وقى ... وتغليقه هام العدى بك دائمُ
يقول لم لا يحفظك الرحمن ما دام يحفظ أي ابدا وهو يفلق بك رؤوس الأعداء وهذا استفهام إنكار يعني أنه يحفظك لأنك سيفه وقال وقد ورد فرسان الثغور ومعهم رسول ملك الروم يطلب الهدنة
أراع كذا كل الأنام همامُ ... وسح له رسل الملوك غمامُ
راع معناه أفزع وكذل أي كما أرى وهو في موضع نصب لأنه نعت مصدر محذوف كأنه قال روعا كذا أي مثل ذا يقول هل راع ملك جميع الأنام كما أرى من روعك أياهم وهل تقاطرت الرسل على ملكٍ كما تقاطرت عليك وجعل توالي الرسل إلى حضرته كسح غمام وهذا استفهام تعجب
ودانت له الدنيا فأصبح جالسا ... وأيامها فيما يريد قيامُ
دانت معناه أطاعت يقول هل اطاعت الدنيا لأحد كما اطاعت لك فأصبح جالسا لا يسعى في تصحيل مرادٍ والأيام تسعى فيما يريد
إذا زار سيف الدولة الروم غازيا ... كفاها لمامُ لو كفاه لِمامُ
اللمام الزيارة القليلة ومنه قول جرير، بنفسي من تجبنه عزيزٌ، عليَّ ومن زيارته لمامُ، يقول إذا غزاهم كفاهم أدنى نزول منه بهم لو اكتفى هو بذلك لكنه لا يكتفي حتى يبلغ أقاصي بلادهم
فتًى تتبع الأزمان في الناس خطوه ... لكل زمانٍ في يديه زمامُ
يقول الزمان يتبعه فمن أحسن اليه من الناس أحسن إليه الزمان ومن أساء إليه أساء إليه الزمان فهو في زمامه يقوده على ما يريد
تنام لديك الرسل أمنا وغبطةً ... وأجفان رب الرسل ليس تنامُ
يعني أنك تحسن إليهم وهو يأمنون ما كانوا عندك والذين بعثوهم وأرسلوهم إليك يخافونك لأنهم ليسوا على أمانٍ منك فلا تنام اجفانهم خوفا منك وهو قوله
حذاراً لمعروري الجياد فجاءةً ... إلى الطعن قبلا ما لهن لجامُ
أي لا ينامون حذرا لمن يركب الخيل عريا إلى الحرب يني لا يتوقف إلى أن تسرج وتلجم إذا فجئه أمر والقبل جمع أقبل وقبلاء وهو الذي أقبلت إحدى عينيه على الأخرى تشاوسا وعزة نفسٍ
تعطف فيه والأعنة شعرها ... وتضرب فيه والسياط كلامُ
يريد أن خيله مؤدبة إذا قيدت بشعرها انقادت كما تنقاد بالعنان وإذا زجرت قام ذلك مقام السياطز
وما تنفع الخيل الكرام ولا القنا ... إذا لم يكن فوق الكرام كرامُ
يريد أن النفع والغناء للرجال والفرسان لا للخيل وإن كرمها ليس بنافع إذا لم يكن فوقها رجال كرام في الحرب
إلى كم ترد الرسل عما أتوا له ... كأنهم فيما وهبت ملامُ
يعني أنه يردهم عما يطلبون من الهدنة رده لوم اللائمين في العطاء وهذا هو المدح الموجه
فإن كنت لا تعطي الذمام طواعةً ... فعوذ الأعادي بالكريم ذمامُ
الذمام جمع ذمة وهي العهد يقول إن كنت لا تعطي الروم عهدا وصلحا بالطوع فلياذهم بك يوجب لهم الذمام لان من لاذ بالكريم وجبت له الذمة أي فقد حصل لهم ما طلبوا وإن لم تعطهم ثم أكد هذا بالبيت الثاني فقال
وإن نفوسا أممتك منيعةٌ ... وإن دماء أملتك حرامُ
أي من قصدك بالرجاء حصلت له المنعة وحرم إراقة دمه
إذا خاف ملك من مليكٍ اجرتهُ ... وسيفك خافوا والجوارَ تسامُ
يقول إذا كنت تجير من خاف غيرك فلأن تجير من نفسك وقد خافوك أولى ومعنى قوله والجوار تسام أي أنك تتكلف أن تجيرهم وقد خافوا سيفك
لهم عنك بالبيض الخفاف تفرقُ ... وحولك بالكتب اللطاف زحامُ
أي لا يحاربونك بسيوفهم بل ينهزمون عنك ويزدحمون عليك بالكتب اللطيفة الكلام التي تلطفوا فيها لمسئلتك وتضرعوا إليك وجعل ابن فورجة الكتب نفسها لطافا قال لأنها كتب مكتومة وليس بشيء.
تغر حلاوات النفوس قلوبها ... فتختار بعض العيش وهو حمامُ
يقول حلاوة النفوس وحب الحياة يغر القلب حتى يختار عيشا فيه ذل ويختار الهرب من خوف القتل وذلك العيش حمام في الحقيقة بل هو شر من الحمام كما ذكر في قوله
وشر الحمامين الزؤامين عيشةٌ ... يذلك الذي يختاره ويضامُ
فلو كان صلحا لم يكن بشفاعةٍ ... ولكنه ذل لهم وغرامُ