ألغت مسامعه الملام وغادرت ... سمةً على أنف اللئام تلوح
أي جعلته لغو ساقطا لا يبالي به وروى ابن جنى ألفت أي لكثرة ما سمعت اللوم ألفته وغيره من الناس اطاعوا اللائم فصاروا لئما يرى عليهم أثر اللؤم طاهرا كما ترى السمة على الأنف
[هذا الذي خلت القرون وذكره ... وحديثه في كتبها مشروح]
لم يعرف ابن جنى البيت فلم يفسره وفرسه ابن دوست بخلاف الصواب فقال أن الله تعالى بشر به في كبت الماضين وهذا كذب صريح لن الله لا يبشر بغير نبي أولم يسمع قول أبي الطيب، إلى سيدٍ لو بشر الله أمةً، بغير نبي بشرتنا به الرسل، والمعنى أن الكتب مشحونة بذكر الكرم ونعت الكرام واخلاقهم وهو المعنى بذلك إذ الحقيقة منها له فذكره إذن في الكتب مشروح ويجوز أن يريد أنه المهديُّ الذيذكر في الكتب خروجه ولم يقل مشروحان لن الذكر والحديث واحد
[ألبابنا بجماله مبهورة ... وسحابنا بنواله مفضوح]
يقول عقولنا مغلوبة بجماله فنحن متحيرون في جمال لم نر مثله وزاد نواله على امطار السحاب حتى فضح نوال السحاب
يغشى الطعان فلا يرد قناته ... مكسورةً ومن الكماة صحيح
أي يأتي الحرب فلا يرد رماحه مكسورةً إلا بعد أن لا يبقى منهم صحيح وهذا كقول الفرزدق، بأيدي رجالٍ لم يشيموا سيوفهم، ولم تكثر القتلى بها حين سلت، أي لم يغمدوها إلا بعد أن كثرت بها القتلى وقوله مكسورة حشو أراد أن يطابق بينها وبين الصحيح لأنه لا فائدة في أن ترد القناة من الحرب مكسورةً ولو ردها صحيحةً لم يلحقه نقص
[وعلى التراب من الدماء مجاسد ... وعلى السماء من العجاج مسوح]
المجاسد جمع المجسد وهو المصبوغ بالجساد وهو الزعفران يقول لكثرة ما يسفك من الدم صبغ الأرض بلونه حتى كان عليها مجاسد واسودت السماء بالغبار فكان عليها مسوحا
[يخطو القتيل إلى القتيل أمامه ... رب الجواد وخلفه المبطوح]
يقول قد امتلأت المعركة من القتلى فالفارس على الفرس الجواد يخطو من قتيل إلى قتيل ويخلف وراءه فارسا مبطوحا أي مطروحا على وجهه ويجوز أن يكون رب الجواد الممدوح
[فمقيل حب محبه فرح به ... ومقيل غيظ عدوه مقروح]
المقيل المستقر ومنه، ضرب يزيل الهام عن مقيله، ومقيل الحب هو القلب وكذلك مقيل الغيظ والمقروح المجروح ويروى بالفاء وهو الذي أصيب فرحه
يخفى العداوة وهي غير خفيةٍ ... نظر العدو بما أسر يبوح
عدوه يخفى العداوة خوفا منه وهي لا تخفى لأن نظر العدو إلى من يعاديه يظهر من في قلبه من العداوة كما قال ابن الرومي، يخبرني العينان ما القلب كاتم، ولا جن بالبغضاء والنظر الشزر، وكما قال الآخر، تكاشرني كرها كأنك ناصح، وعينك تبدي أن صدرك لي دوى، وقال الآخر، خليلي للبغضاء عين مبينةٌ، وللحب آيات ترى ومعارف،
[يا ابن الذي ما ضم برد كابنه ... شرفا ولا كالجد ضم ضريح]
يقول للممدوح يا ابن الذي لم يشتمل برد على أحد كابنه في الشرف ويريد بالابن الممدوح ولا ضم قبر أحدا في الشرف كجده يعني جد أبيه والمعنى ليس في الأحياء مثلك شرفا ولا في الأموات مثل جد أبيك في الشرف
نفديك من سيلٍ إذا سئل الندى ... هول إذا اختلطا دم ومسيح
يروى من سبل وهو المطر يقول أنت عند العطاء سيل وعند الحرب هولٌ تهول اعداءك والمسيح العرق قال الشاعر، يا ريها حين بدا مسيحي، وابتل ثوباي من النضيح، وقال اختلطا والوجه اختلط
لو كانت بحراً لم يكن لك ساحل ... أو كنت غيثا ضاق عنك اللوح
الغيث الساحب فيه مطرواللوح الهواء أي لم يكن يسعك الهواء لو كنت سحابا
[وخشيت منك على البلاد وأهلها ... ما كان أنذر قوم نوح نوح]
وخشيت عطف على قوله ضاق أي لو كنت غيثا خشيت منك الطوفان الذي أنذر به نوح قومه
[عجز بحر فاقة ووراءه ... رزق الإله وبابك المفتوح]
من العجز أن يقاسي الحرب الفاقة ولا يطلب رزق الله بان يأتي بابك الذي لا يحجب عنه أحد يعني أن الله تعالى قد وسع بك الرزق على الناس فمن لم يأتك طالبا للرزق فذلك لعجزه كما قال أبو تمام، خاب أمرء بخس الحوادث رزقه، وأقام عنك وأنت سعد الأسعد،
إن القريض شج بعطفي عائذ ... من أن يكون سواءك الممدوح