أي وذكرت امرأة تفتن عيناها ويقتل هواها إذا شم شيخ روائحها عاد شابا والنفح تضوع رائحة الطيب يقال نفح الطيب ونفحت رائحة الطيب وإما عدى النفح على المعنى لا على اللفظ كأنه قال إذا أصابت شيخا روائحها شب.
[لها بشر الدر الذي قلدت به ... ولم أر بدرا قبلها قلد الشهبا]
يقول لون بشرتها كلون ما تقلدته من الدر وهي في حسنها بدر وقلائدها كالكواكب ولم أرى قبلها بدرا قلد الكواكب.
[فيا شوق ما أبقى ويا لي من النوى ... ويا دمع ما أجرى ويا قلب ما أصبا]
يقول يا شوقي ما أبقاك فلست تنفد ويا لي من النوى استغاثة من الفراق كأنه يقول يا من لي يمنعني من ظلم الفراق ويا دمعي ما أجراك ويا قلبي ما أصابك وحذف الكاف المنصوبة للمخاطبة والتي قبلها بالنداء.
[لقد لعب البين المشت بها وبي ... وزودني في السير ما زود الضبا]
غ، ما قال لعب اشارة إلى اقتدار البين عليهم لأن القادر على الشيء لا يحتاج إلى استفراغ اقصى وسعه في تقليبه على مراده والضب لا يتزود في المفازة يقول جعل البين زادي زاد الضب أي لم يزودني شيئا ومعناه أني فارقت الحبيب من غير التقاء ولا وداعٍ يكون لي زادا على البعد كما قال الآخر وذكر التزود عند البعد، زود الأحباب للأحباب ضما والتزاما، وسليمي زودتني، يوم توديعي السقاما، ويجوز أن يكون المعنى أن الضب مكانه المفازة فلا يتزود إذا انتقل فيها يقول أنا في البيت مقيم قامة الضب في المفازة وليس من رسم المقيم أن يتزود أي فالسير والبيت كأنهما لي منزلٌ لإلفي أياهما وقال ابن فورجة أي زودني الضلال عن وطني الذي خرجت منه فما اوفق للعود إليه والإجتماع مع الحبيب والضب يوصف بالضلال وقلة الاهتداء إلى جحره.
[ومن تكن الأسد الضواري جدوده ... يكن ليله صبحا ومطعمه غصبا]
يقول من كان ولد الشجعان وكان جدوده كالأسود التي تعودت أكل اللحوم يكن الليل له نهارا لأن الظلمة لا تعوقه عن بلوغ حاجته وكان مطعمه مما يغصب من أعدائه قال ابن جنى قوله ليله صبحا من قول الآخر، فبادر الليل ولذاته، فإنما الليل نهار الأريب،
[ولست أبالي بعد إدراكي العلى ... أكان تراثا ما تناولت أما كسبا]
كأنه يعتذر من الغصب يقول بعد ما أدانى إلى العلي لا أبالي كسبا كان أم غصبا أي بعد إدراك معالي الأمور لا أبالي ما يحصل في يدي أرثا كان أو كسبا.
فرب غلامٍ علم المجد نفسهُ ... كتعليم سيفِ الدولةِ الدولةَ الضربا
يقول رب شاب وعني نفسه عود نفسه المجد وعلمه إياها كما علم سيف الدولة أهل الدولة الضربَ.
إذا الدولة أستكفت به في ملمةٍ ... كفاها فكان السيف والكف والقلبا
إنما ذكر هذه الأشياء لأن الضرب يحصل باجتماعها يقول إذا استعانت الدولة به في مهم كان ضاربا دونها بنفسه يريد بهذا تفضيله على سيف الحديد فإنه لا يعمل إذا لم يحمله كف ولم تمضه قوة القلب ولا يعمل بنفسه وحده كما يعمل سيف الدولة وحقه أن يقول استكفته لكنه زاد الباء واراد معنى الاستعانة.
تهاب سيوف الهند وهي حدائدٌ ... فكيف إذا كانت نزاريةً عربا
يقول السيوف تهاب مع أنها حديد لا عقل عندها فكيف يكون حالها في الخوف منها إذا كانت عربيةً نزاريةً يعني أن سيف الدولة ليس بحديدٍ هندي بل هو عربي نزاري فيكون أحق بالخوف منه.
ويرهب ناب الليث والليث وحدهُ ... فكيف إذا كان الليوث له صحبا
يقول الليث مرهوب نابه على وحدته وانفراده فكيف يكون ليث معه جماعة من الليوث يريد سيف الدولة وأصحابه.
ويخشى عباب البحر والحبر ساكنٌ ... فكيف بمن يغشى البلاد إذا عبا
يقول البحر مخوف الموج وهو على مكانه فكيف ظنك بمن إذا ماج وتحرك عم البلاد.
[عليم بأسرار الديانات واللغى ... له خطرات تفضح الناس والكتابا]
يريد أنه يعلم من الديانات واللغات ما لا يخلص إليه غيره وعبر عنه بالسر لخفائه على غيره وله خواطر في العلم يفضح بها العلماء وكتبهم لأنهم لم يبلغوا من العلم ما يجري على خاطره.
فبوركت من غيثٍ كأن جلودنا ... به تنبت الديباج والوشى والعصبا